الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3817 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، قال : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد . فقال : أحي والداك ؟ . قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد . متفق عليه . وفي رواية : " فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما " .

التالي السابق


3817 - ( وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه ) : بالواو ( قال : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد فقال له : أحي والداك ؟ قال : نعم ، قال : ففيهما ) : أي : ففي خدمتهما ( فجاهد ) : قال الطيبي رحمه الله : فيهما متعلق بالأمر قدم للاختصاص ، والفاء الأولى جزاء شرط محذوف ، والثانية جزائية لتضمن الكلام معنى الشرط ; أي : إذا كان الأمر كما قلت فاختص المجاهدة في خدمة الوالدين نحو قوله تعالى : ( فإياي فاعبدون ) ; أي : إذا لم تخلصوا لي في العبادة في أرض فأخلصوها في غيرها فحذف الشرط وعوض عنه تقديم المفعول المفيد للاختصاص ضمنا ، وقوله : فجاهد جيء به مشاكلة يعني حيث قال : فجاهد في موضع فاخدمهما ; لأن الكلام كان في الجهاد ، ويمكن أن يكون الجهاد بالمعنى الأعم الشامل للأكبر والأصغر . قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ( متفق عليه ) : ورواه أبو داود والترمذي ، والنسائي .

( وفي رواية ) : أي : لمسلم ( فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ) : في شرح السنة : هذا في جهاد التطوع لا يخرج إلا بإذن الوالدين إذا كانا مسلمين ، فإن كان الجهاد فرضا متعينا فلا حاجة إلى إذنهما وإن منعاه عصاهما وخرج ، وإن كانا كافرين فيخرج بدون إذنهما فرضا كان الجهاد ، أو تطوعا ، وكذلك لا يخرج إلى شيء من التطوعات كالحج والعمرة والزيارة ، ولا يصوم التطوع إذا كره الوالدان المسلمان ، أو أحدهما إلا بإذنهما قال ابن الهمام : لأن طاعة كل منهما فرض عليه ، والجهاد لم يتعين عليه ، وفي سنن أبي داود ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبواي يبكيان فقال : ارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما ، وفيه عن الخدري : أن رجلا هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليمن فقال : " هل لك أحد باليمن ؟ " قال : أبواي . قال : " أذنا لك " قال : لا . قال : " فارجع واستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما " .

[ ص: 2473 ]



الخدمات العلمية