الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

3872 - عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله تعالى يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ، ومنبله . فارموا ، واركبوا ، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا . كل شيء يلهو به الرجل باطل ، إلا رميه بقوسه ، وتأديبه فرسه ، وملاعبته امرأته ، فإنهن من الحق " . رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وزاد أبو داود ، والدارمي : " ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه ، فإنه نعمة تركها " . ، أو قال : " كفرها " .

التالي السابق


الفصل الثاني

3872 - ( عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الله تعالى يدخل بالسهم الواحد ) : أي : بسبب رميه على الكفار ( ثلاثة نفر الجنة ) : بالنصب فيهما على المفعولية ( صانعه ) : بدل بعض من ثلاثة ( يحتسب ) : أي : حال كونه يطلب ( في صنعه ) : أي : لذلك السهم ( الخير ) : أي : الثواب ( والرامي به ) : أي : كذلك محتسبا ، وكذا قوله ( ومنبله ) : بتشديد الموحدة ويخفف ; أي : مناول النبل ، وهو السهم ، سواء كان ملك المعطي ، أو الرامي ، ففي النهاية يقال : نبلت الرجل بالتشديد إذا ناولته النبل ليرمي به ، وكذلك أنبلته . قال أبو عمرو الزاهد : نبلته وأنبلته ونبلته ، ويجوز أن يراد بالمنبل الذي يرد النبل عليه الرامي من الهدف اه . واختاره ابن الملك قال : فالضمير للرامي وفيه بحث ( وارموا واركبوا ) ; أي : لا تقتصروا على الرمي ماشيا ، واجمعوا بين الرمي والركوب ، أو المعنى : اعلموا هذه الفضيلة وتعلموا الرمي والركوب بتأديب الفرس والتمرين عليه ، كما يشير إليه آخر الحديث . وقال الطيبي : عطف " واركبوا " يدل على المغايرة ، وأن الرامي يكون راجلا ، والراكب رامحا ، فيكون معنى قوله : ( وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا ) : أن الرمي بالسهم أحب إلي من الطعن بالرمح اه .

والأظهر أن معناه : أن معالجة الرمي وتعلمه أفضل من تأديب الفرس وتمرين ركوبه لما فيه من الخيلاء والكبرياء ، ولما في الرمي من النفع الأعم ، ولذا قدمه تعالى في قوله : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) مع أنه لا دلالة في الحديث على الرمح أصلا ، ويؤيد ما ذكرناه تأكيده - صلى الله عليه وسلم - فيما سبق بقوله : ( كل شيء يلهو به الرجل ) : أي : يشتغل ويلعب ، ( باطل ) : لا ثواب له ( إلا رميه بقوسه ) : احتراز عن رميه [ ص: 2503 ] بالحجر والخشب ( وتأديبه فرسه ) : أي : تعليمه إياه بالركض والجولان على نية الغزو ( وملاعبته امرأته ، فإنهن من الحق ) : أي : وليس من اللهو الباطل فيترتب عليه الثواب الكامل ، وفي معناها كل ما يعين على الحق من العلم والعمل إذا كان من الأمور المباحة ، كالمسابقة بالرجل والخيل والإبل ، والتمشية للتنزه على قصد تقوية البدن ، وتطرية الدماغ ، ومنها السماع إذا لم يكن بالآلات المطربة المحرمة ( رواه الترمذي ، وابن ماجه ) : أي : إلى هنا وكذلك أحمد ( وزاد أبو داود والدارمي ) : أي : على ما سبق ( ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه ) : أي : إعراضا عن الرمي ( فإنه نعمة ) : هذا علة لجواب الشرط المقدر ; أي : فليس منا ، أو قد عصى ، فإنه ; أي الرمي نعمة ( تركها ) : أي : ترك شكرها ، أو أعرض عنها ( أو قال ) : أي : بدل تركها وهو شك من أحد الرواة فالضمير لمن قبله ( كفرها ) : أي : ستر تلك النعمة ، أو ما قام بشكرها من الكفران ضد الشكر . وفي الجامع الصغير " من ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها " . رواه الطبراني عن عقبة .




الخدمات العلمية