الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3897 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها من الأرض ، وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير ، وإذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها طرق الدواب ، ومأوى الهوام بالليل " .

وفي رواية : " إذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها " . رواه مسلم .

التالي السابق


3897 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا سافرتم في الخصب ) : بكسر المعجمة ; أي : زمان كثرة العلف والنبات ( فأعطوا الإبل حقها ) : أي : حظها ( من الأرض ) : أي : من نباتها يعني دعوها ساعة فساعة ترعى ، إذ حقها من الأرض رعيها فيه ، ( وإذا سافرتم في السنة ) : أي القحط ، أو زمان الجدب ( فأسرعوا عليها ) : أي : راكبين عليها ( السير ) : مفعول أسرعوا ، والمعنى لا توقفوها في الطريق لتبلغكم المنزل قبل أن تضعف ( فإذا عرستم ) : بتشديد الراء ) ; أي : نزلتم ( بالليل ) : فيه تجريد إذ التعريس هو النزول في آخر الليل على ما في المصباح . وقال صاحب القاموس : أعرس القوم نزلوا في آخر الليل للاستراحة كعرسوا ، وهذا أكثر ، والظاهر أن المراد هنا النزول في الليل مطلقا ، كما يدل عليه تعليله عليه الصلاة والسلام بقوله : ( فاجتنبوا ) : أي : في نزولكم ( الطريق فإنها طرق الدواب ) : أي : دواب المسافرين ، أو دواب الأرض من السباع وغيرها ( ومأوى الهوام بالليل ) : وهي بتشديد الميم جمع هامة كل ذات سم . وقال النووي : التعريس النزول في آخر الليل وللراحة فيه ، وقيل : هو النزول في أي وقت كان من ليل ، أو نهار ، والمراد في الحديث الأول أرشد إليه صلوات الله وسلامه عليه ; لأن الحشرات ودواب الأرض وذوات السموم والسباع وغيرها تطرق في الليل على الطرق لتلقط ما سقط من المارة من مأكول ونحوه .

( وفي رواية : إذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها ) : بكسر فسكون فتحتية ; أي : أسرعوا عليها السير ما دامت قوية باقية النقي ، وهو المخ . قال التوربشتي : ومن الناس من يروي نقبها بالباء الموحدة بعد القاف ، ويرى الضمير فيه راجعا إلى الأرض ، ويفسر النقب بالطريق وليس ذلك بشيء ، وهو من التصحيفات التي نزل فيها العالم فضلا عن الجاهل . قال الأشرف في الصحاح : نقب البعير بالكسر إذا رقت أخفافه ، وأنقب الرجل إذا نقب بعيره ونقب الخف الملبوس إذا تخرقت ، فيمكن أن يجعل هذا اللفظ بهذا المعنى ، فلا يكون تصحيفا . قلت : حكم الشيخ عليه بالتصحيف فرع عدم ثبوته ووجود ثبوت الرواية بغيره ، فبمثل هذا الاحتمال من الدراية لا يرتفع كونه تصحيفا في الرواية ; لأنه لم يدع أنه ليس له معنى ، حتى يرد عليه ما ذكره من المبني . وفي شرح مسلم للنووي : " نقيها " بكسر النون وإسكان القاف وهو المخ اهـ .

والظاهر أنه منصوب على أنه مفعول " بادروا " وعليه الأصول من النسخ المضبوطة . قال الطيبي : يحتمل الحركات الثلاث أن يكون منصوبا مفعولا به وبها حال منه ; أي : بادروا نقيها إلى المقصد ملتبسا بها ، أو من الفاعل ; أي : ملتبسين بها ، ويجوز أن تكون الباء سببية ; أي : بادروا بسبب سيرها نقيها ، وأن تكون للاستعانة ; أي : بادروا نقيها مستعينين بسيرها ، ويجوز أن يكون مرفوعا فاعلا للظرف ، وهو حال ; أي : بادروا إلى المقصد ملتبسا بها نقيها ، أو مبتدأ والجار والمجرور خبره ، والجملة حال كقولهم : فوه إلى في ، وأن يكون مجرورا بدلا من الضمير المجرور ، والمعنى سارعوا بنقبها إلى المقصد باقية النقي ، فالجار والمجرور حال ، وليت شعري كيف يستقيم المعنى مع إرادة نقب الخف اهـ . ملخصا . ( رواه مسلم ) : وكذا أبو داود ، والترمذي .




الخدمات العلمية