الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3939 - وعن جابر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الحرب خدعة " متفق عليه .

التالي السابق


3939 - ( وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الحرب خدعة ) : بفتح الخاء أصح ، وبضمها أشهر ، ويجوز كسرها ، ففي القاموس : الحرب خدعة مثلثة وكهمزة ، وروي بهن جميعا ; أي : ينقضي بخدعة ، وفي مختصر النهاية للسيوطي بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال وبضمها مع فتح الدال ، فالأول معناه أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة من الخداع ; أي : أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم يكن لها إقالة ، وهو أفصح الروايات وأصحها ، ومعنى الثاني هو الاسم من الخداع ، ومعنى الثالث أن الحرب تخدع الرجال وتمنيهم ولا تفي لهم كما يقال : فلان رجل لعبة وضحكة الذي يكثر منه اللعب والضحك ، وفي المشارق لعياض قوله : الحرب خدعة كذا لأبي ذر ، وأكثر الرواة للصحيحين ، وضبطها الأصيلي خدعة . وقال أبو ذر : لغة النبي - صلى الله عليه وسلم - خدعة الفتح ، وبه قال الأصمعي وغيره ، وحكى يونس فيها الوجهين ، ووجها ثالثا بضم الخاء وفتح الدال ، ولغة رابعة خدعة بفتحهما ، فالخدعة بمعنى أن أمرها ينقضي بخدعة واحدة يخدعها المخدوع فتزل قدمه ، ولا يجد لها تلافيا ولا إقالة ، فكأنه نبه على أخذ الحذر من ذلك ، ومن ضم الخاء وفتح الدال نسب الفعل إليها ; أي : تخدع هي من اطمأن إليها ، أو أن أهلها يخدعون فيها ، ومن فتحها جميعا كان جمع خادع يعني أن أهلها بهذه الصفة فلا تطمئن إليهم ، كأنه قال : أهل الحرب خدعة ، وأصل الخدع إظهار أمر وإضمار خلافه . وقال التوربشتي : روي ذلك من وجوه ثلاثة بفتح الخاء وسكون الدال ; أي : إنها خدعة واحدة من تيسرت له حق له الظفر وبضم الخاء وسكون الدال ; أي : معظم ذلك المكر والخديعة ، وبضم الخاء وفتح الدال ; أي : إنها خداعة للإنسان بما تخيل إليه وتمنيه ، ثم إذا لابسها وجد الأمر بخلاف ما خيل إليه . قال النووي : أفصح اللغات فيها فتح الخاء وإسكان الدال وهي لغة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واتفقوا على جواز الخداع مع الكفار في الحرب كيف اتفق إلا أن يكون فيه نقض عهد ، أو أمان ، وقد صح في الحديث جواز الكذب في ثلاثة أشياء . وقال الطبري : إنما يجوز من الكذب في الحرب المعاريض ، وحقيقته لا تجوز ، والظاهر إباحة حقيقة الكذب ، لكن الاقتصار على التعريض أفضل ( متفق عليه ) : ورواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي عن جابر ، وكذا الشيخان عن أبي هريرة ، وكذا أحمد عن أنس ، وكذا أبو داود عن كعب بن مالك ، ورواه ابن ماجه عن ابن عباس وعن عائشة ، والبزار عن الحسين ، والطبراني عن الحسن وعن زيد بن ثابت وعن النواس بن سمعان ، وابن عساكر عن خالد بن الوليد رضي الله تعالى عليهم أجمعين . وكذا في الجامع الصغير ، فكاد الحديث أن يكون متواترا لكثرة الصحابة المخرجين وأسانيدهم .

[ ص: 2536 ]



الخدمات العلمية