الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
392 - وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت في خيشومه " متفق عليه " .

التالي السابق


392 - ( وعنه ) : أي : عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا استيقظ أحدكم من نومه فتوضأ " : أي : أراد الوضوء " فليستنثر : الفاء لجواب الشرط أي : ليغسل داخل أنفه " ثلاثا " : أو التقدير : إذا توضأ فليستنثر عند الاستنشاق . قال الطيبي : استنثر حرك النثرة وهي طرف الأنف ويجوز أن يكون بمعنى نثرت الشيء ، إذا فرقته وبددته اهـ . وقيل : الاستنثار نثر ما في الأنف المتصل بالبطن فإن الشيطان : " الفاء للسببية " يبيت على خيشومه " : يعني : أن الشيطان إذا لم يمكنه الوسوسة عند النوم لزوال الإحساس يبيت على أقصى أنفه ليلقي في دماغه الرؤيا الفاسدة ، ويمنعه عن الرؤيا الصالحة ، لأن محله الدماغ فأمر - صلى الله عليه وسلم - أن يغسلوا داخل أنوفهم لإزالة لوث الشيطان ونتنه منها . قال التوربشتي والقاضي : الخيشوم أقصى الأنف المتصل بالبطن المقدم من الدماغ الذي هو موضع الحس المشترك ومستقر الخيال ، فإذا نام تجتمع الأخلاط وييبس عليه المخاط ويكل الحس ويتشوش الفكر فيرى أضغاث أحلام ، فإذا قام وترك الخيشوم بحاله استمر الكسل والكلال واستعصى عليه النظر الصحيح وعسر الخضوع والقيام بحقوق الصلاة . ثم قال التوربشتي : ما ذكره من طريق الاحتمال ، وحق الأدب في الكلمات النبوية أن لا يتكلم في هذا الحديث وأمثاله بشيء ، فإن الله سبحانه قد خصه بغرائب المعاني وحقائق الأشياء ما يقصر عنه باع غيره ، وروى النووي عن القاضي عياض : تحتمل بيتوتة الشيطان أن تكون حقيقة ، فإن الأنف أحد المنافذ إلى القلب وليس عليه ولا على الأذنين غلق ، وفي الحديث : إن الشيطان لا يفتح الغلق وجاء الأمر بكظم الفم في التثاؤب من أجل عدم دخول الشيطان في الفم ، ويحتمل أن تكون على الاستعارة فإنه ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم قذر يوافق الشياطين ، كذا نقله الطيبي . ( متفق عليه ) . واللفظ للبخاري على ما قاله ابن حجر .




الخدمات العلمية