الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4325 - وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما : أنها أخرجت جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج ، وفرجيها مكفوفين بالديباج ، وقالت : هذه جبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت عند عائشة فلما قبضت قبضتها ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسها ، فنحن نغسلها للمرض نستشفي بها . رواه مسلم .

التالي السابق


4325 - ( وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما : أنها أخرجت جبة طيالسة ) : بالإضافة ، وفي نسخة بالوصف وهي بكسر اللام جمع طيلسان بفتح اللام على المشهور ، وهو على ما في المغرب معرب " تالسان " ، وهو من لباس العجم مدور أسود ، وجمع التفاريق الطيالسة لحمتها وسداها صوف والتاء في جبة للموحدة ، فكأنه قيل : جبة صوف سوداء ، هذا زبدة كلام النووي ، قال الطيبي : فعلى هذا الإضافة للبيان ( كسروانية ) : بكسر الكاف ويفتح منسوب إلى كسرى ملك فارس بزيادة الألف والنون ، وهي منصوبة صفة لجبة ، وقيل مجرورة صفة طيالسة على رواية الإضافة ، هذا ، وقد قال بعض الشراح الجبة ثوبان بطارقان ، ويكون بينهما حشو ، وقد يقال لما لا حشو له إذا كانت ظهارته من صوف . والرواية المشهورة إضافتها إلى الطيالسة ، وفسرت بالخلق كأنهم كنوا بالإضافة إلى الطيالسة عن الخلق ; لأن صاحب الخلق لم يكن ليلبسه إلا بطيلسان ليواري ما تخرق منه ، ( لها ) : أي للجبة ( لبنة ديباج ) : بكسر اللام وسكون الموحدة فنون رقعة توضع في جيب القميص والجبة كما ما في النهاية ، وقال شارح : هي ما يرقع به قب الثوب ، ويقال له الجريان أيضا وهو معرب كربيان ، وقيل الظاهر أنها توضع تحت الإبط ( وفرجيها ) : بضم الفاء ، وفي كثير من النسخ بفتحها أي شقيها شق من خلف وشق من قدام ( مكفوفين ) : أي مخيطين ( بالديباج ) : أي بثوب من حرير ، والمعنى أنه خيط على طرف كل شق قطعة من أعلى إلى أسفل : قال شارح للمصابيح : أي خيط شقاها مكفوفين بالديباج ، والكف عطف أطراف الثوب . يقال : ثوب مكفف أي موقع جيبه ، أطراف كفيه بشيء من الديباج ونصب [ ص: 2770 ] فرجيها بمقدر مثل وجدت ، والرواية الفاشية بالرفع ، والتوفيق بينه وبين ما روي في الحسان ، عن عمران بن حصين : ولا ألبس القميص المكفوف بالحرير أنه ربما رأى الكراهة في الكراهة ; لأن فيه مزيد ترفه وتجمل ، ولم يرها في الجبة المكفوفة اهـ . ولعل هذا مأخذ قول ضعيف في المذهب أنه إنما يحرم لبس الحرير هكذا إذا اتصل بالبدن من غير فصل بينهما ، هذا ، وقال النووي قوله : وفرجيها مكفوفين هكذا وقع في جميع الأصول ، وهما منصوبان بفعل محذوف أي ورأيت . ووافقه القاضي ، ثم قال : وأما إخراج أسماء جبة النبي - صلى الله عليه وسلم - المكفوفة بالحرير ، فقصدت به بيان أن هذا ليس محرما ما لم يزد على أربع أصابع اهـ ، وفيه أن مقدار الحرير في الجبة غير مبين ومعين ، فيحمل على ما هو المعلوم من الخارج ، وإلا فلو قدر قدر زائد لقلنا به كما قلنا بأربع أصابع بعد تجويزه قدر إصبعين ، مرة أن القصد المذكور منها محتمل ، والله أعلم . ( وقالت ) : عطف على " أخرجت " ، وفي نسخة صحيحة " فقالت " ( هذه جبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت عند عائشة ) : لعلها بالهبة لها منه - صلى الله عليه وسلم - لعدم الإرث في الأنبياء ( فلما قبضت ) : أي توفيت ( قبضتها ) : أي أخذتها بالوراثة لأنها أختها ( وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسها ) : أي أحيانا ( فنحن نغسلها للمرضى ) : ونسقي ماء غسلها لهم ( نستشفي بها ) : أي . بمائها أو بالجبة نفسها بوضعها على الرأس والعين ، والتبرك بلمس اليدين ، وتقبيل الشفتين ، والله أعلم . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية