الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4431 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : لعن الله الواشمات ، والمستوشمات ، والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله ، فجاءته امرأة ، فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت . فقال : ما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن هو في كتاب الله . فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين ، فما وجدت فيه ما تقول . قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ، أما قرأت : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، قالت : بلى . قال : فإنه قال نهى عنه . متفق عليه .

التالي السابق


4431 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : لعن الله الواشمات ، والمستوشمات ، والمتنمصات ) : بتشديد الميم المكسورة هي التي تطلب إزالة الشعر من الوجه بالمنماص أي المنقاش ، والتي تفعله نامصة ، قال النووي : وهو حرام إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب ( والمتفلجات ) : بكسر اللام المشددة ، وهي التي تطلب الفلج ، وهو بالتحريك فرجة ما بين الثنايا والرباعيات ، والفرق بين السنين على ما في النهاية ، والمراد بهن النساء اللاتي تفعل ذلك بأسنانهن رغبة في التحسين ، وقال بعضهم : هي التي تباعد ما بين الثنايا والرباعيات بترقيق الأسنان بنحو المبرد ، وقيل : هي التي ترقق الأسنان وتزينها ، واللام في قوله : ( للحسن ) : للتعليل ، ويجوز أن يكون التنازع فيه بين الأفعال المذكورة ، والأظهر أن يتعلق بالأخير . قال النووي : فيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن ، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس به . ( المغيرات ) : صفة للمذكورات جميعا ومفعوله

[ ص: 2820 ] ( خلق الله ) : والجملة كالتعليل لوجوب اللعن ذكره الطيبي ( فجاءته ) : أي : ابن مسعود ( امرأة فقالت : إنه ) : أي الشأن ( بلغني أنك لعنت كيت وكيت ) : أي الواشمات وما بعدهن ، والمعنى أخبرت أنك أخبرت عن لعن الله ، أو أنشأت اللعن من عندك على المذكورات ، والحال أنه ليس لعنهن في كتاب الله ، ولا يجوز لعن من لم يلعنه الله ، ( فقال ) : أي ابن مسعود ( ما لي ) : " ما " نافية أو استفهامية والمعنى كيف ( لا ألعن من لعن ) : أي لعنه ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : فصار الحديث مرفوعا بعدما كان موقوفا ( ومن هو في كتاب الله ) : عطف على الموصول الأول أي ومن هو ملعون فيه أي مذكور فيه لعنه ضمنا ، ولما أبهم الكلام عليها سارعت ( فقالت : لقد قرأت ) : في كتاب الله أي ( ما بين اللوحين ) : أي الدفتين ، المراد أول القرآن وآخره على وجه الاستيعاب بذكر الطرفين ، وكأنها أرادت باللوحين جلدي أول المصحف وآخره أي قرأت جميع القرآن ( فما وجدت فيه ما تقول ) : أي صريحا ( قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ) : بإشباع كسرة التاء إلى تولد الياء . قال الطيبي : اللام الأولى موطئة للقسم ، والثانية لجواب القسم الذي سد مسد جواب الشرط أي لو قرأتيه بالتدبر والتأمل لعرفت ذلك . ( أما قرأت ) : همزة الاستفهام الإنكارية وما النافية ومفعوله ( قوله : ما آتاكم الرسول ) : وفي نسخة : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا : فالجملة في محل النصب ( قالت : بلى . قال : فإنه ) : أي الرسول المذكور ( قد نهى عنه ) : والمعنى أنه إذا كان العباد مأمورين بانتهاء ما نهاهم الرسول ، وقد نهاهم عن الأشياء المذكورة في هذا الحديث وغيره ، فكان جميع منهياته - صلى الله عليه وسلم - منهيا مذكورا في القرآن . وقال الطيبي : فيه إشارة إلى أن لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواشمات . . إلخ كلعن الله تعالى فيجب أن يؤخذ . ( متفق عليه ) : وذكره في الجامع الصغير إلى قوله : خلق الله ، وقال : رواه أحمد والشيخان والأربعة .




الخدمات العلمية