الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4467 - وعنها ، قالت : أومت امرأة من وراء ستر ، بيدها كتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - يده . فقال : " ما أدري أيد رجل أم يد امرأة ؟ " قالت : بل يد امرأة ، قال : " لو كنت امرأة لغيرت أظفارك " يعني الحناء . رواه أبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


4467 - ( وعنها ) : أي عن عائشة . ( قالت : أومت ) : هكذا في النسخ المصححة ، والأصول المعتمدة بلا همز بعد الميم ، وهو موم إلى أنه معتل اللام ، لكن لم يذكر صاحب القاموس مادته مطلقا ، وإنما ذكر في المهموزات ومأ كوضع أشار كأوما وومأ ، فوجهه ما ذكره بعض شراح المصابيح من أن أصله أومات بالهمز فخفف بإبداله ألفا ، فحذف بالتقاء الساكنين ، والمعنى أشارت ( امرأة من وراء ستر ) : بكسر أوله أي حجاب ( بيدها كتاب ) : الجملة من المبتدأ المؤخر والخبر المقدم صفة للمرأة ، ويجوز أن تكون الجملة حالا منها . قال الطيبي ، : والوجه أن يحمل أن كتابا فاعل للجار والمجرور لا مبتدأ للزوم أن تكون الجملة الاسمية حالا بغير واو ، وإن جاز على ضعف اهـ . ولا يخفى أن صحة الحال هنا مبنية على أن المرأة موصوفة بقولها من وراء ستر ، والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - متعلقة بقولها أومت على أنها للابتداء ، كما تعلق بها للانتهاء قولها : ( إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - يده ) : أي كف كمه عن كفها ، وظاهره أنه كان مبايعته للنساء باليد أيضا ، والمشهور خلافه ، فيحمل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمد يده في الجملة إيماء إلى المبايعة الفعلية ، ويكتفي بالمبايعة اللسانية في النساء من غير أن تصل يده إلى يد المرأة ، ويمكن أن تكون يده ملفوفة ، فكن يتبركن بأخذ كمه القائم مقام يده ، كما ورد في حق الحجر الأسود الأسعد أنه يمين الله في الأرض ، يصافح به عباده على ما ذكره الخطيب وابن عساكر عن جابر ، ورواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعا ، والأزرقي عن عكرمة موقوفا ، ولفظهما : الحجر يمين الله فمن مسحه فقد بايع الله .

[ ص: 2836 ] ( فقال ) : أي في سبب قبض قبضته عن اليد الممدودة ( ما أدري أيد رجل ) : أي هي ( أم يد امرأة ؟ قالت ) : أي المرأة ( بل امرأة ) : بالرفع أي صاحبتها أو أنا امرأة ، وفي نسخة ، بل يد امرأة بالإضافة ( قال : لو كنت امرأة ) : أي مراعية شعار النساء ( لغيرت أظفارك ) : أي لخضبت لونها بالحمرة أو السواد باستعمال الحناء أو العفص . ( يعني ) : تفسير عن عائشة أو غيرها من الرواة أي يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - ( تغييرها بالحناء ) : إما لكونه أفضل ، أو لكونه المعتاد المتعارف ، أو المراد به الحناء مثلا ، فيشمل تغييرها بغيره . والله أعلم . ( رواه أبو داود ، والنسائي ) : وفي الجامع الصغير بلفظ : " لو كنت امرأة لغيرت أظفارك بالحناء " . رواه أحمد والنسائي عن عائشة ، وبهذا ، يعرف أن التفسير السابق من غيرها ، والله أعلم .




الخدمات العلمية