الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4555 - وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم : " من اكتوى أو استرقى ، فقد برئ من التوكل " . رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه .

التالي السابق


4555 - ( وعن المغيرة بن شعبة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم : ( من اكتوى ) : أي : بالغ في أسباب الصحة إلى أن اكتوى من غير ضرورة ملجئة ( أو استرقى ) : أي : بالغ في دفع الأمراض باستعمال الكلمات التي ليست من أسماء الله تعالى ، وكلمات كتابه ، ولا من الأدعية المأثورة عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - ( فقد برئ من التوكل ) : أي : سقط من درجة التوكل التي هي أعلى مراتب الكمال ، وقد قال تعالى : وعلى الله فليتوكل المؤمنون وفي مبالغة مباشرة الأسباب دلالة على غفلته عن رب الأرباب ، ولذا قال الغزالي : من أغلق بابه بقفلين أو بقفل ، ثم وصى الجار بمحافظته خرج عن كونه متوكلا ، وقال ابن الملك : هذا محمول على من رأى الشفاء من الكية والرقية ) اهـ . وفيه أن من رأى ذلك برئ من الدين لا من التوكل فقط ، اللهم إلا أن يقال مراده أن من رأى الشفاء منه منحصرا فيه من الأسباب وإلا فهو سبحانه قادر على أن يشفيه من غير سبب ، وقد سبق ما يتعلق بهذا المقام من كلام المحاسبي وابن عبد البر والله أعلم بالمرام .

وفي النهاية : قد جاء في أحاديث كثيرة النهي عن الكي فقيل : إنما نهى عنه من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره ، ويرون أنه يحسم الداء ، وإذا لم يكو العضو بطل وعطب . فنهاهم إذا كان على هذا الوجه ، وأباحه إذا جعل سببا للشفاء لا علة له ، فإن الله هو الذي يبرئه ويشفيه لا الكي والدواء ، فهو أمر يكثر فيه سلوك الناس يقولون : لو شرب الدواء لم يمت ، ولو أقام ببلده لم يقتل ، وقيل : يحتمل . أن يكون . نهيه عن الكي إذا استعمل على سبيل الاحتراز من حدوث المرض ، وقبل الحاجة إليه ، وذلك مكروه ، وإنما أبيح التداوي والعلاج عند الحاجة ، ويجوز أن يكون النهي من قبيل التوكل لقوله : " هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون " والتوكل درجة أخرى غير الجواز اهـ . وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل : لا يتداوون ، فلا بد لتخصيص .

[ ص: 2882 ] ذكر الكية والرقية من زيادة فائدة ، وهي ما ذكرناه والله أعلم . ( رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ) : وكذا الحاكم .




الخدمات العلمية