الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4561 - وعن الشفاء بنت عبد الله - رضي الله عنها - قالت : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا عند حفصة ، فقال : ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ؟ " رواه أبو داود .

التالي السابق


4561 - ( وعن الشفاء ) : بكسر الشين المعجمة وبالفاء والمد ( بنت عبد الله ) : قال المؤلف : قرشية عدوية قال أحمد بن صالح المضري : اسمها ليلى ، والشفاء لقب غلب عليها ، أسلمت قبل الهجرة ، وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيها ويقيل عندها ، وكانت اتخذت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراشا وإزارا ينام فيه . ( قالت : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا عند حفصة ) أي بنت الفاروق أم المؤمنين ( فقال ) : أي للشفاء ( ألا تعلمين هذه ) : أي حفصة ( رقية النملة ) : يحتمل أن يكون المراد تقرير التعليم ، ويحتمل إنكاره والأول أظهر لما سيأتي ( كما علمتيها ) : وفي أكثر الأصول المصححة والنسخ المعتمدة بالياء الناشئة من إشباع الكسرة .

[ ص: 2884 ] ( الكتابة ؟ ) : مفعول ثان . قال المظهر : هذه إشارة إلى حفصة ، والنملة قروح ترقى وتبرأ بإذن الله تعالى . قال الخطابي : فيه دليل على أن تعلم النساء الكتابة غير مكروه . قلت : يحتمل أن يكون جائزا للسلف دون الخلف لفساد النسوان في هذا الزمان ، ثم رأيت قال بعضهم : خصت به حفصة لأن نساءه - صلى الله عليه وسلم - خصصن بأشياء قال تعالى : يانساء النبي لستن كأحد من النساء ، وخبر : " لا تعلمن الكتابة " ، يحمل على عامة النساء خوف الافتتان عليهن . قال التوربشتي : يرى أكثر الناس أن المراد من النملة ها هنا هي التي يسميها المتطيبون الزناب ، وقد خالفهم فيه الملقب بالذكي المغربي النحوي فقال : إن الذي ذهبوا إليه في معنى هذا القول شيء كانت نساء العرب تزعم أنه رقية النملة ، وهو من الخرافات التي كان ينهي عنها ، فكيف يأمر بتعليمها إياه ؟ وإنما عنى برقية النملة قولا كن يسمينه رقية النملة ، وهو قولهن : العروس تنتعل وتختضب وتكتحل وكل شيء تفتعل غير أنها لا تعصي الرجل ، فأراد - صلى الله عليه وسلم - بهذا المقال تأنيب حفصة والتعرض بتأديبها حيث أشاعت السر الذي استودعه إياها على ما شهد به التنزيل ، وذلك قوله سبحانه : وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا . وعلى هذا المعنى نقله الحافظ أبو موسى في كتابه عنه قال : فإن يكن الرجل متحققا بهذا عارفا به من طريق النقل ، فالتأويل من ذهب إليه .

قال الأشرف : يمكن أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد برقية النملة آخرها ، وهو قوله : غير أن لا تعصي إطلاقا للكل ، وإرادة للجزء أي : ألا تعلمين حفصة أن العروس لا تعصي الرجل ، فإنها قد عصتني بإفشاء السر ، ولو كانت تعلم رقية النملة لما عصتني . قلت : الكناية أبلغ من التصريح ، فالأولى أن يراد برقية تمامها لحصول المقصود في ضمنها . قال الطيبي : ويحتمل الحديث وجهين آخرين . أحدهما : التخصيص على تعليم الرقية لإنكار الكتابة أي : هلا علمتها ما ينفعها من الاجتناب عن عصيان الزوج كما علمتيها ما يضرها من الكتابة . قلت : وهذا بعيد جدا لأنه إذا أريد التخصيص وحمل الاستفهام على التقرير ، فمن أين يفهم إنكار تعليم الكتابة ؟ مع أنه مشبه بتعليم الرقية . قال : وثانيهما أن يتوجه الإنكار إلى الجملتين جميعا ، والمراد بالنملة المتعارف بينهم لأنها منافية لحال المتوكلين . قلت : لو أريد هذا المعنى لقيل : أتعلمين إلى آخره والله أعلم . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية