الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4573 - وعن نافع ، قال : قال ابن عمر - رضي الله عنهما : يا نافع ! ينبع بي الدم ، فأتني بحجام واجعله شابا ، ولا تجعله شيخا ولا صبيا . قال : وقال ابن عمر : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الحجامة على الريق أمثل ، وهي تزيد في العقل ، وتزيد في الحفظ ، وتزيد الحافظ حفظا ، فمن كان محتجما فيوم الخميس على اسم الله تعالى ، واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد ، فاحتجموا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء ؟ فإنه اليوم الذي أصيب به أيوب في البلاء . وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء " . رواه ابن ماجه .

التالي السابق


4573 - ( وعن نافع - رضي الله تعالى عنه - قال : قال ابن عمر : يا نافع ! ينبع ) : بفتح ياء فسكون نون فضم موحدة ويكسر ويضم أي يثور ويغلي ( بي الدم ) أي لكثرته ، كما نبع الماء من الينبوع وهو العين ، ففي القاموس : نبع الماء ينبع مثلثة خرج من العين . وقال الطيبي : فيه تشبيه أي يغلي الدم في جسدي بنوع الماء من العين ، وقال ميرك : صوابه تبيغ بفتح الفوقية والموحدة والتحتية المشددة فالغين المعجمة ، ويؤيده ما في النهاية تبيغ به الماء إذا تردد فيه ، ومنه تبيغ الماء إذا تردد في مجراه ، ويقال : فيه تبوغ بالواو ، وقيل إنه من المقلوب أي يبغي عليه الدم فيقتله من البغي ومجاوزة الحد ، والأول أوجه ، ومنه حديث ابن عمر : تبيغ في الدم اهـ . وكذا ينصره ما في القاموس : البيغ ثوران الدم ، وتبيغ عليه الدم هاج وغلب ، لكن الجزم بأنه صواب وغيره خطأ غير صواب لاحتمال اختلاف الرواية ، مع أن لها وجها وجيها كما تقدم والله أعلم . (فأتني بحجام واجعله شاب ) قال الطيبي : أي اختره ، وشابا حال ، ويمكن أن يكون الضمير للمصدر كما في قوله : واجعله الوارث منا . ( ولا تجعله شيخا ) : يفيد التأكيد أو يريد به اختيار الوسط على تقدير عدم وجود الشباب . ( ولا صبيا ) دفعا لما يوهمه إطلاق الشاب .

( قال ) : أي نافع ( وقال ابن عمر : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( الحجامة على الريق ) : أي قبل أكل وشرب ( أمثل ) أي أنفع وأفضل ( وهي ) : أي الحجامة المطلقة أو المقيدة ( تزيد في العقل ، وتزيد في الحفظ ) أي لمن لم يكن حافظا لقوله ( وتزيد الحافظ حفظا ) أي كمال الحفظ ( فمن كان محتجما ) : أي مريدا للحجامة ( فيوم الخميس ) : أي فليختره أو فليحتجم فيه ( على اسم الله ) : أي على ذكره وطلب بركته ( واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد ) : بظاهره ينافيه ما ذكره الديلمي في مسند الفردوس ، عن جابر : الحجامة يوم الأحد شفاء ، لكن الحديث معضل ( فاحتجموا ) : الفاء بمعنى الواو ، أو التقدير إذا كان الأمر كذلك فاحتجموا ( يوم الاثنين ، ويوم الثلاثاء ) وهو تصريح بما علم ضمنا ، ولعل الخميس سقط من الراوي وتوطئة لقوله : ( واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء ) : وفيه تنبيه على أنه لا عبرة بالمفهوم ، لا سيما مع المنطوق ( فإنه اليوم الذي أصيب به ) : أو أوقع فيه ( أيوب في البلاء ) : الظاهر أن سبب إصابته البلاء حجامته في يوم الأربعاء ، وقد ذكر المفسرون أسبابا أخر ، ولعل ذلك من جملتها أو إشعار بأن ذلك اليوم وقت العتاب لبعض الأحباء ، كما وقع زمان العقاب لبعض الأعداء . قال تعالى : في يوم نحس مستمر ويؤيده قوله : ( وما يبدو ) : أي ما يظهر ( جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء ) : أي لخاصية زمانية لا يعلمها إلا خالقها ، وأو للتنويع ، هذا وقال الطيبي قوله : ( ويوم الثلاثاء ) ظاهره يخالف قوله في حديث كبشة : ( إن يوم الثلاثاء يوم الدم ، وفيه ساعة لا يرقأ ) ولعله أراد به يوما مخصوصا وهو السابع عشر من الشهر ، كما يأتي في الحديث اهـ . وقد قدمنا مثل هذا الجمع فيما تقدم والله أعلم . ( رواه ابن ماجه ) . وفي الجامع الصغير برواية ابن ماجه والحاكم وابن السني وأبي نعيم ، عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة وتزيد في الحفظ وفي العقل ، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة والسبت ويوم الأحد ، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء ، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلايا ، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء ، فإنه اليوم الذي ابتلي فيه أيوب ، وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء " .




الخدمات العلمية