الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4736 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعطس رجل عنده ، فقال له : " يرحمك الله " ثم عطس أخرى ، فقال : " الرجل مزكوم " . رواه مسلم ، وفي رواية للترمذي أنه قال له في الثالثة : " إنه مزكوم " .

التالي السابق


4736 - ( وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعطس رجل عنده ) : الجملة حال من مفعول سمع ( فقال له : يرحمك الله ) : قال الطيبي : الظاهر أن يقال : يقول له ؛ لأنه حال من النبي - صلى الله عليه وسلم - . الكشاف في قوله تعالي : إننا سمعنا مناديا ينادي ، تقول : سمعت زيدا يتكلم ، فتوقع الفعل عليه وتحذف المسموع وتجعله حالا منه ، فأغناك عن ذكره ، فإذا مقتضى الكلام أن يقال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - شمته فقال : فلا إشكال حينئذ . ( ثم عطس أخرى ) أي : مرة أخرى ( فقال ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( الرجل مزكوم ) أي : مريض ، فربما يكثر تعطسه وحمده ، وفي الجواب كل مرة حرج لا سيما مع عدم تجويز التداخل في المجلس ، ويؤيده ما ذكرته ما سيأتي في الحديث مرفوعا " فما زاد أي : على ثلاث مرات ، فإن شئت فشمته ، وإن شئت فلا " ؛ حيث صرح بالتخيير ، فقول النووي : يستحب أن يدعى له ، لكن غير دعائه للعاطس وقع في غير محله ، إذ حاصل الحديث أن التشميت واجب أو سنة مؤكدة على الخلاف في ثلاث مرات ، وما زاد فهو مخير بين السكوت وهو رخصة ، وبين التشميت وهو مستحب والله أعلم . ( رواه مسلم وفي رواية للترمذي أنه ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( قال له في الثالثة ) أي : في المرة الثالثة ، وفي نسخة في الثالث ، أي : في العطاس الثالث ( إنه ) أي : الرجل ( مزكوم ) : كذا في جميع نسخ المشكاة ، وقال الطيبي : كذا في نسخ المصابيح ، وفي جامع الأصول عن الترمذي : أنت مزكوم . قال النووي : يعني أنت لست ممن يشمت بعد هذا ؛ لأن هذا الذي بك مرض ، ويوافقه في التثليث ما رواه أبو داود ، عن أبي هريرة مرفوعا " إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه فإن زاد على ثلاث فهو مزكوم " ولا يشمت بعد ثلاث أي : لا يجب تشميته بعد ثلاث ؛ لأنه غير جائز لما سبق .

[ ص: 2988 ] وفي شرح مسلم للنووي فإن قيل : إذا كان مريضا فكان ينبغي أن يدعى له ؛ لأنه أحق بالدعاء من غيره ، فالجواب أنه يستحب أن يدعى له ، لكن غير دعائه للعاطس ، بل دعاء المسلم للمسلم بالعافية والسلامة ، ونحو ذلك . ولا يكون من باب التشميت . قلت : بل إنما قال ذلك ليعرف أن التشميت متى يجب ومتى لم يجب ، فلو دعا له بالعافية والسلامة ونحوهما ، ربما يتوهم أن في المرة الثانية أو الثالثة يدعى له بالسلامة ونحوها ، فيدخل تحت الوجوب ، وأما الدعاء بالصحة فمن المستحبات المعلومة ، مع أن الزكام محمود يخرج كثيرا من الأسقام .




الخدمات العلمية