الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4815 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما رجل قال لأخيه كافر ، فقد باء بها أحدهما " متفق عليه .

التالي السابق


4815 - ( وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما رجل قال : كافر ) بضم الراء على البناء ، فإنه منادى حذف حرف ندائه كما ذكره ميرك ، ويؤيده ما جاء في رواية بالنداء ، وفي بعض النسخ بتنوينه على أنه خبر محذوف تقديره أنت أو هو ( فقد باء بها ) أي : رجع بإثم تلك المقالة ( أحدهما ) : وفي النهاية التزمها ورجع بها اهـ ، وفي بعض نسخ المصابيح به أي : بالكفر ، وهو أولى ذكره ابن الملك وفيه بحث ، بل الأولى أن معناه رجع بإثم ذلك القول المفهوم من قال أحدهما ، أما القائل إن اعتقد كفر المسلم بذنب صدر منه ، أو الآخر إن صدق القائل كذا ذكره بعض الشراح من علمائنا .

وقال الطيبي : لأنه إذا قال القائل لصاحبه : يا كافر مثلا فإن صدق رجع إليه كلمة الكفر الصادر منه مقتضاها ، وإن كذب واعتقد بطلان دين الإسلام رجعت إليه هذه الكلمة . وقال النووي : هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات من حيث أن ظاهره غير مراد ، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المسلم بالمعاصي كالقتل والزنا ، وقوله لأخيه : كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام ، وإذا تقرر ما ذكرناه فقيل في تأويل الحديث أوجه أحدها : أنه محمول على المستحل لذلك ، فعلى هذا معنى باء بها أي : بكلمة الكفر أي : رجع عليه الكفر ، وثانيها : أن معناه رجعت عليه نقيضته ومعصية تكفيره . وثالثها : أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين وهذا ضعيف ؛ لأن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون أن الخوارج كسائر أهل البدع لا تكفر . قلت : وهذا في غير حق الرافضة الخارجة في زماننا ، فإنهم يعتقدون كفر أكثر الصحابة ، فضلا عن سائر أهل السنة والجماعة ، فهم كفرة بالإجماع بلا نزاع . قال : وخامسها : فقد رجع إليه تكفيره وليس الراجع حقيقة الكفر ، بل كفر من هو مثله ، قال : لأن كفر من لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام ، وقال الطيبي : وفي أكثر الوجوه أحدهما محمول على القائل : ( متفق عليه ) وفي الجامع الصغير : إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما . رواه البخاري عن أبي هريرة ، ورواه أحمد والبخاري عن ابن عمرو .




الخدمات العلمية