الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
483 - وعن داود بن صالح بن دينار ، عن أمه ، أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة . قالت : فوجدتها تصلي ، فأشارت إلي : أن ضعيها ، فجاءت هرة ، فأكلت منها ، فلما انصرفت عائشة من صلاتها ، أكلت من حيث أكلت الهرة . فقالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين عليكم " . وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بفضلها . رواه أبو داود .

التالي السابق


483 - ( وعن داود ) : مولى الأنصاري قاله الطيبي ، ( ابن صالح بن دينار ) : أي : التمار ، قاله الطيبي ، وهو مدني ، روى عن سالم بن عبد الله ، وعن أبيه ، وأمه . كذا ذكره المصنف في فصل التابعين ( عن أمه ) : لم تسم ، قاله ميرك أي : عن أم داود ( أن مولاتها ) : أي : مولاة أمه ، أي : معتقتها ، ولم تسم أيضا ، ذكره ميرك ( أرسلتها ) : أي : أمه ( بهريسة ) : في القاموس : الهرس الأكل الشديد ، والدق العنيف ، ومنه الهريس والهريسة ( إلى عائشة قالت ) : أي : أمه ( فوجدتها ) : أي : عائشة ( تصلي ، فأشارت ) : أي : عائشة ( إلي ) : باليد أو بالرأس ( أن ضعيها ) : مفسرة أو مصدرية أي : بوضعها . قال الطيبي : أن مفسرة لمعنى القول في الإشارة ، وفيه أن مثل هذه الإشارة جائزة في الصلاة اهـ ; لأنها ليست بعمل كثير ، وقول ابن حجر : أن مفسرة ; لأن الإشارة كلام ، لغو ( فجاءت هرة ، فأكلت منها ) : أي : بعضها ( فلما انصرفت عائشة من صلاتها ، أكلت من حيث أكلت الهرة ) : أي : من محل أكلها . ( فقالت ) : هو إما جواب عن سؤال مقدر ، أو محقق ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنها ليست بنجس " : بفتح الجيم ، وقيل : بالكسر ( إنها من الطوافين عليكم ) : ظاهره أن أو فيما تقدم للشك ، ويمكن أن يكون هنا اقتصارا ، أو يحمل على التغلب ( وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها ) : أي : بفضل الهرة يعني : في الإناء بعد شربها ، وهذا على القول بأنه طاهر ظاهر ، وأما على القول بالكراهة التنزيهية ، فمحمول على العمل بالرخصة ، وبيان الجواز . ( رواه أبو داود ) . قال ابن حجر : وسنده حسن . وفيه نظر ; لأنه قال الدارقطني : تفرد به عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن داود بن صالح ، عن أمه ، عن عائشة ، بهذا اللفظ . كذا نقله السيد عن التخريج . وروى أحمد والدارقطني والحاكم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دعي لدار فأجاب ، ولأخرى فلم يجب ، فقيل له في ذلك ، فقال : ( إن في تلك كلبا ) فقيل : وفي هذه هرة . فقال : " إن الهرة ليست بنجسة " . قال العلماء : استحب اتخاذ الهرة وتربيتها ; أخذا من الأحاديث ، وأما حديث : " حب الهرة من الإيمان " فموضوع على ما قاله جماعة كالصغاني ، والعجب من الجرجاني والتفتازاني في بحثهما فيه ، ومناقشتهما في أن إضافته هل هي من إضافة المصدر إلى فاعله ، أو مفعوله ؟ والظاهر الثاني في رسالة مستقلة .




الخدمات العلمية