الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4936 - وعن أبي أسيد الساعدي - رضي الله عنه - قال : بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل من بني سلمة ، فقال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوي أبرهما به بعد موتهما ؟ قال : " نعم ، الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما " . رواه أبو داود ، وابن ماجه .

التالي السابق


4936 - ( وعن أبي أسيد ) : بالتصغير ( الساعدي ) : قال المؤلف : أنصاري ، شهد المشاهد كلها ، روى عنه خلق كثير ، مات سنة ستين ، وله ثمان وسبعون سنة بعد أن ذهب بصره ، وهو آخر من مات من البدريين . ( قال : بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل من بني سلمة ) بكسر اللام بطن من الأنصار ليس في العرب سلمة غيرهم ( قال : يا رسول الله ، هل بقي من بر أبوي ) أي : والدي وفيه تغليب ( شيء ) أي : من البر ( أبرهما ) بفتح الموحدة أي : أصلهما وأحسن إليهما ( به ) أي : بذلك الشيء من البر الباقي ( بعد موتهما ؟ قال : نعم الصلاة عليهما ) ، أي : الدعاء ومنه صلاة الجنازة ( والاستغفار ) أي : طلب المغفرة ( لهما ) وهو تخصيص بعد تعميم ( وإنفاذ عهدهما ) أي : إمضاء وصيتهما ( من بعدهما ) ، أي : من بعد موتهما ولو من بعد عهدهما ( وصلة الرحم ) أي : وإحسان الأقارب ( التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما ) أي : تتعلق بالأب والأم ، فالموصول صفة كاشفة للرحم . قال الطيبي : الموصول ليس بصفة للمضاف إليه ، بل للمضاف أي : الصلة الموصوفة ، فإنها خالصة بحقهما وأضافهما لا لأمر آخر ونحوه . قلت : يرجع المعنى إلى الأول فتدبر وتأمل ، وأما اعتبار خلوص النية وتصحيح الطوية فمعتبر في كل قضية غير منحصر في جزئية مع أن ما ذكره مضاف لما نقله عن الإمام في الإحياء ، وأن العباد أمروا بأن لا يعبدوا إلا الله ، ولا يريدوا بطاعتهم غيره ، وكذلك من يخدم أبويه لا ينبغي أن يخدم لطلب منزلة عندهما إلا من حيث أن رضا الله في رضا الوالدين ، ولا يجوز له أن يرائي بطاعته لينال بها منزلة عند الوالدين ، فإن ذلك معصية في الحال ، وسيكشف الله عن ريائه فتسقط منزلته من قلبهما أيضا . اهـ . فنقله كلام الحجة حجة عليه لا علينا . ( رواه أبو داود ، وابن ماجه ) .

[ ص: 3093 ]



الخدمات العلمية