الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4977 - وعن أيوب بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما نحل والد ولده من نحل أفضل من أدب حسن " . رواه الترمذي والبيهقي في " شعب الإيمان " وقال الترمذي : هذا عندي حديث مرسل .

التالي السابق


4977 - ( وعن أيوب بن موسى ) أموي تابعي ، روى عن عطاء ومكحول وطبقتهما ، وعنه شعبة وغيره وكان أحد الفقهاء ( عن أبيه ) أي : موسى بن عمرو ، لم يذكره المصنف ( عن جده ) أي : عمرو بن سعيد أو سعيد بن العاص ، وسيأتي بيانه . وسعيد بن العاص ولد عام الهجرة ، وكان أحد أشراف قريش ، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان ، واستعمله عثمان على الكوفة ، وغزا بالناس طبرستان فافتتحها ومات سنة تسع وخمسين ، ذكره المصنف في فصل الصحابة . ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما نحل ) أي : ما أعطى ( والد ولده من نحل ) : بضم النون ويفتح أي عطية أو إعطاء ، ففي النهاية : النحل العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق ، يقال : نحله ينحله نحلا بالضم ، والنحلة بالكسر العطية . وفي القاموس : النحل الشيء المعطى وبالضم مصدر نحله أعطاه ، والاسم النحلة بالكسر ويضم ( أفضل من أدب حسن ) . وهو المطابق للعرف الموافق للشرع قال الطيبي : جعل الأدب الحسن من جنس المال والعطيات مبالغة ، كما جعل الله القلب السليم من جنس البنين والمال . في قوله : يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم قلت والصحيح في الآية : أن الاستثناء منقطع أي : ولكن سلامة من أتى الله بقلب سليم تنفعه ، أو متصل والمعنى : الآمال من هذا شأنه وبنوه حيث أنفق ماله من البر ، وأرشد بنيه إلى الحق ، وقيل : الاستثناء مما يدل عليه المال والبنون أي : لا ينفع غنى الأغنياء ، هذا ولم يظهر وجه المبالغة لا في الحديث ، ولا في الآية مع أن الحديث مستغن عن التكلف ، فإنه إذا قيل : الأدب خير من الذهب ، أو البشر خير من الملك ، فالمعنى أن هذا الجنس أحسن من هذا الجنس ولا يحتاج إلى جعل أحدهما من جنس الآخر ، إذ معنى الكلام تام بدونه . ( رواه الترمذي ، والبيهقي في شعب الإيمان ، وقال الترمذي : هذا حديث عندي مرسل ) .

قال الطيبي ، قوله : عندي يدل على اختلاف فيه ، وذلك أن قوله عن جده يوهم الاتصال والإرسال ، فإنه يحتمل أن يكون جد أيوب وهو عمرو ، فيكون مرسلا ، وأن يكون جد أبيه وهو سعيد صحابيا ، فيكون متصلا . قال الطيبي : روى البخاري الحديث في تاريخه وقال : إنه لم يصح سماع جد أيوب ، فوافق الترمذي البخاري وقال : هذا عندي مرسل . وفي جامع الأصول إشعار بأنه متصل حيث روي عن سعيد بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : وفي الجامع الصغير إشارة إلى أنه مرسل حيث قال : رواه الترمذي والحاكم عن عمرو بن سعيد بن العاص ، هذا وكلام البخاري أنه لم يصح له سماع جد أيوب إن أراد به جده الكبير ، فلا يضر الحديث ; لأنه حينئذ من مراسيل الصحابة ، وهو مقبول عند الكل ، وإن أراد به جده بلا واسطة فهو المرسل المتعارف ، لكنه حجة عند الجمهور على أن الحديث من فضائل الأعمال ، والله أعلم بالحال .




الخدمات العلمية