الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( 16 ) باب nindex.php?page=treesubj&link=18270الحب في الله ومن الله
الفصل الأول
5003 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10365740nindex.php?page=treesubj&link=33423الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف " . رواه البخاري .
5003 - ( عن عائشة قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=10365741قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأرواح ) أي : nindex.php?page=treesubj&link=33423أرواح الإنسان ( جنود ) : جمع جند أي : جموع ( مجندة ) : بفتح النون المشددة أي : مجتمعة متقابلة ، أو مختلطة منها : حزب الله " nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22ألا إن حزب الله هم المفلحون " ومنها حزب الشيطان " nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=19ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون " وفي قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4ولله جنود السماوات والأرض إشارة إلى الجندين حيث أحدهما علوي الهمة ، والآخر سفلي الهمة . ( فما تعارف منها ) : التعارف جريان المعرفة بين اثنين والتناكر ضده أي : فما تعرف بعضها من بعض قبل حلولها في الأبدان ( ائتلف ) : بهمزة وصل ، ثم همزة ساكنة تبدل ألفا في الوصل جوازا ، وتبدل ياء حال الابتداء وجوبا أي : حصل بينهما الألفة والرأفة حال اجتماعهما بالأجساد في الدنيا ( وما تناكر منها ) أي : في عالم الأرواح ( اختلف ) أي : في عالم الأشباح ، والإفراد والتذكير في الفعلين باعتبار لفظ ما ، والمراد منه بطريق الإجمال والله أعلم بحقيقة الحال أن الأرواح البشرية التي هي النفوس الناطقة مجبولة على مراتب مختلفة وشواكل متباينة ، وكل ما شاكل منها في عالم الأمر [ ص: 3132 ] في شاكلته تعارفت في عالم الخلق وائتلفت واجتمعت ، وكل ما كان على غير ذلك في عالم الأمر تناكرت في عالم الخلق فاختلفت وافترقت ، فالمراد بالتعارف ما بينهما من التناسب والتشابه ، وبالتناكر ما بينهما من التنافر والتباين ، فتارة على وجه الكمال وتارة على وجه النقصان ، إذ قد يوجد كل من التعارف والتناكر بأدنى مشاكلة بينهما إما ظاهرا وإما باطنا ، وبحقيقة يطول وتخاف من إعراض الملول واعتراض الفضول ، هذا وقيل : هذا الاجتماع كان يوم الميثاق فمن تقابل منهم اثنان يومئذ يأتلفان في الدنيا غاية المؤالفة ، ومن تدابر منهم شخصان يختلفان في نهاية المخالفة ، ومن وقع في الاجتناب له مشاركة من مشاكلة كل باب كالمنافقين ، وأشباههم مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، ثم لا يمنع من هذا التعارف والتناكر وصلة الأجانب وشجنة الأقارب .
كانت مودة سلمان له نسبا ولم يكن بين نوح وابنه رحم
ولا يدفعه بعد الدار ولا يجمعه قرب المزار .
مناسبة الأرواح بين وبينها وإلا فأين الترك من ساكني نجد
قال حكيم : أقرب القرب مودة القلب وإن تباعد جسم أحدها من الثاني ، وأبعد البعد تنافر التداني .
وفي النهاية قوله : جنود مجندة أي : مجموعة كما يقال : ألوف مؤلفة وقناطير مقنطرة ، ومعناه الإخبار عن مبدأ كون الأرواح وتقدمها الأجساد أي : إنها خلقت أول خلقتها على قسمين من ائتلاف واختلاف ، كالجنود المجندة المجموعة إذا تقابلت وتواجهت ، ومعنى تقابل الأرواح ما جعلها الله عليها من السعادة والشقاوة والأخلاق في مبدأ الخلق يقول : إن الأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا فتأتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه ، ولهذا ترى الخير يحب الأخيار ، ويميل إليهم ، والشرير يحب الأشرار ، ويميل إليهم اهـ . وفيه الإشارة إلى المناسبة بين الحديث وعنوان الباب ، لا سيما وهو صدر الخطاب ، وفي شرح السنة : فيه دليل على أن الأرواح ليست بأعراض وعلى أنها كانت موجودة قبل الأجساد في الخلقة . ( رواه البخاري ) أي : عن عائشة .