الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        باب النذر

                                        368 - الحديث الأول : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال { قلت : يا رسول الله ، إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة - وفي رواية : يوما - في المسجد الحرام ؟ قال : فأوف بنذرك . }

                                        التالي السابق


                                        فيه دليل على الوفاء بالنذر المطلق ، والنذور ثلاثة أقسام :

                                        أحدها : ما علق على وجود نعمة ، أو دفع نقمة فوجد ذلك فيلزم الوفاء به .

                                        والثاني : ما علق على شيء لقصد المنع أو الحث كقوله : إن دخلت الدار فلله علي كذا . وقد اختلفوا فيه . وللشافعي قول : أنه مخير بين الوفاء بما نذر ، وبين كفارة يمين وهذا الذي يسمى " نذر اللجاج والغضب " .

                                        والثالث : ما ينذر من الطاعة من غير تعليق بشيء كقوله " لله علي كذا " فالمشهور : وجوب الوفاء بذلك وهذا الذي أردناه بقولنا " النذر المطلق " وأما ما لم يذكر مخرجه ، كقوله " لله علي نذر " هذا هو الذي يقول مالك : إنه يلزم فيه كفارة يمين .



                                        وفيه دليل على أن الاعتكاف قربة تلزم بالنذر . وقد تصرف الفقهاء الشافعية فيما يلزم بالنذر من العبادات . وليس كل ما هو عبادة مثاب عليه لازما بالنذر عندهم ، فتكون فائدة هذا الحديث من هذا الوجه : أن الاعتكاف من القسم الذي يلزم بالنذر .



                                        وفيه دليل عند بعضهم : على أن الصوم لا يشترط في الاعتكاف لقوله " ليلة " وهذا مذهب الشافعي . ومذهب أبي حنيفة ومالك : اشتراط الصوم وقد أول قوله " ليلة " على اليوم فإن العرب تعبر بالليلة عن اليوم ولا سيما وقد ورد [ ص: 650 ] في بعض الروايات " يوما " .



                                        واستدل به على أن نذر الكافر صحيح وهو قول في مذهب الشافعي والمشهور : أنه لا يصح ; لأن الكافر ليس من أهل التزام القربة ، ويحتاج - على هذا - إلى تأويل الحديث ، ولعله أن يقال : إنه أمره بأن يأتي بعبادة تماثل ما التزم في الصورة ، وهو اعتكاف يوم فأطلق عليها وفاء بالنذر ، لمشابهتها إياه ، ولأن المقصود قد حصل وهو الإتيان بهذه العبادة .




                                        الخدمات العلمية