ونحو ذلك كأن يقول له وقد أدخله خزانة كتبه : ارو جميع هذه الكتب عني ; فإنها سماعاتي من الشيوخ المكتوبة عنهم ، أو أحاله على تراجمها ، ونبهه على طرق أوائلها .
[ ص: 222 ] ( وبعضهم ) كما حكاه القاضي عياض ( حكى اتفاقهم ) أي : العلماء وأهل الظاهر ( على جواز ذا ) النوع ، وأن المختلف فيه من أنواعها غيره . ونحوه قول أبي مروان الطبني كما حكاه عياض : إنما يصح عندي إذا عين المجيز للمجاز ما أجاز له .
قال : وعلى هذا رأيت إجازات المشرق وما رأيت مخالفا له ، بخلاف ما إذا أبهم ولم يسم ما أجاز . بل وسوى بعضهم كما حكاه عياض أيضا بينه وبين المناولة ، قال : وسماه أبو العباس بن بكر المالكي في كتابه إجازة مناولة ، وقال : إنه يحل محل السماع والقراءة عند جماعة من أصحاب الحديث ، وقال : إنه مذهب مالك .
( وذهب ) القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف المالكي ( الباجي ) ، نسبة لباجة مدينة بالأندلس ، [ والقاضي أبو بكر الباقلاني ] ( إلى نفي الخلاف ) عن صحة الإجازة ( مطلقا ) ، هذا النوع وغيره ( وهو غلط ) كما ستراه .
( قال ) الباجي كما حكاه عياض : لا خلاف من سلف الأمة وخلفها في جواز الرواية بها ( والاختلاف ) إنما هو ( في العمل ) بها ( قط ) أي : فقط كما [ ص: 223 ] سيأتي .
( ورده ) أي : القول بنفي الخلاف وبقصره على العمل مصرحا ببطلانه ( الشيخ ) ابن الصلاح ( بأن ) مخففة من الثقيلة ( للشافعي ) وكذا لمالك ( قولان فيها ) أي : في الإجازة جوازا ومنعا .
وقال بالمنع جماعات من أهل الحديث والفقهاء كأشهب والأصوليين ( ثم ) رده أيضا بالقطع بمقابله ف ( بعض تابعي مذهبه ) أي : الشافعي ، [ أصحاب الوجوه فيه ] ، وهو ( القاضي الحسين ) بن محمد المروروذي ( منعا ) الرواية بها ; يعني جزما .
( و ) كذا القاضي أبو الحسن الماوردي ( صاحب الحاوي ) فيه ( به ) أي : بعدم الجواز ( قد قطعا ) مع عزوه المنع لمذهب الشافعي كما رواه الربيع عنه ، حيث قال : فاتني على الشافعي من كتابه ثلاث ورقات من البيوع ، فقلت له : أجزها لي ، فقال : بل اقرأها علي كما قرئت علي ، وكرر قوله حتى أذن لي في الجلوس وجلس فقرئ عليه ، [ ولم ينفردا بذلك ، فقد قال أحمد بن صالح المصري : إنها لا تجوز البتة بدون مناولة ] . وقال ابن القاسم : [ ص: 224 ] سألت مالكا عن الإجازة ، فقال : لا أراها ، إنما يريد أحدهم أن يقيم المقام اليسير ، ويحمل العلم الكثير .
وعن ابن وهب : سمعت مالكا يقول لمن سأله الإجازة : ما يعجبني وإن الناس يفعلونه ، قال : وذلك أنهم طلبوا العلم لغير الله ، يريدون أن يأخذوا الشيء الكثير في المقام القليل . ومثل هذا قول عبد الملك بن الماجشون لرسول أصبغ بن الفرج في ذلك : قل له : إن كنت تريد العلم فارحل له .
و ( قالا ) أي : القاضي الحسين والماوردي ( ك ) قول ( شعبة ) بالصرف للضرورة ، وابن المبارك وأضرابهما ما معناه : ( ولو جازت ) الإجازة ( إذن ) بالنون لجماعة ، منهم المبرد ، حتى كان يقول : أشتهي أن أكوي يد من يكتبها بالألف ; لأنها مثل أن ولن ، ولا يدخل التنوين في الحروف ( لبطلت رحلة ) بكسر الراء وضمها ; أي : انتقال ( طلاب السنن ) لأجلها من بلد إلى بلد ; لاستغنائهم بالإجازة عنها .
زاد شعبة : وكل حديث ليس فيه " سمعت قال : سمعت " فهو خل وبقل ونحوه . وقول أبي زرعة الرازي : ما رأينا أحدا يفعلها ، وإن تساهلنا في هذا يذهب العلم ، ولم يكن للطلب معنى ، وليس هذا من مذاهب أهل العلم .
[ ص: 225 ] ( و ) جاء أيضا ( عن أبي الشيخ ) ، وهو عبد الله بن محمد الأصبهاني الحافظ ، صاحب التصانيف الشهيرة ( مع ) أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق ( الحربي إبطالها ) . قال أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب : سمعته يقول : الإجازة والمناولة لا تجوز ، وليس هي بشيء . وكذا قال صالح بن محمد الحافظ جزرة ، فيما ذكره الحاكم في ترجمته من تأريخه ، والخطيب في الكفاية : الإجازة ليست بشيء ، وحكاه الآمدي وابن الحاجب عن أبي حنيفة وأبي يوسف .
( كذاك للسجزي ) بكسر المهملة ثم جيم بعدها زاء نسبة لسجستان على غير قياس ، وهو أبو نصر عبيد الله بن سعيد الوائلي الحافظ ، أحد أصحاب الحاكم ، القول بإبطالها ، بل حكاه عن بعض من لقيه ، فقال : وسمعت جماعة من أهل العلم يقولون : قول المحدث : قد أجزت لك أن تروي عني ، تقديره : أجزت لك ما لا يجوز في الشرع ; لأن الشرع لا يبيح ما لم يسمع . وحكى أبو بكر محمد بن ثابت الخجندي من الشافعية ، وهو من القائلين بالإبطال ، عن القاضي أبي طاهر محمد بن أحمد بن نصر الدباس من الحنفية ، أن من قال لغيره : أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع ، فكأنه يقول : أجزت لك أن تكذب علي .
ورواه السلفي في كتابه ( الوجيز في ذكر المجاز والمجيز ) من طريق الخليل [ ص: 226 ] بن أحمد السجستاني عن أبي طاهر . وكذا قال ابن حزم في كتابه ( الإحكام ) : الإجازة ، يعني المجردة التي يستعملها الناس ، باطلة ، ولا يجوز أن يجيز بالكذب ، ومن قال لآخر : ارو عني جميع روايتي ، أو يجيزه بها ديوانا ديوانا وإسنادا إسنادا ، فقد أباح له الكذب ، قال : ولم تأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ، ولا عن أحد من التابعين وأتباعهم ، فحسبك بما هذه صفته .
وكذا قال إمام الحرمين في البرهان : ذهب ذاهبون إلى أنه لا يتلقى بالإجازة حكم ، ولا يسوغ التعويل عليها عملا ورواية ( لكن على جوازها ) أي : الإجازة ( استقرا عملهم ) أي : أهل الحديث قاطبة ، وصار بعد الخلف إجماعا ، وأحيا الله بها كثيرا من دواوين الحديث مبوبها ومسندها ، مطولها ومختصرها ، وألوفا من الأجزاء النثرية ، مع جملة من المشيخات والمعاجم والفوائد انقطع اتصالها بالسماع .
واقتديت بشيخي فمن قبله فوصلت بها جملة ، ورحم الله الحافظ علم الدين البرزالي حيث بالغ في الاعتناء بطلب الاستجازات من المسندين للصغار ونحوهم ، فكتب غير واحد من الاستدعاءات ألفيا ; أي : مشتملا على ألف اسم ، وتبعه أصحابه كابن سعد والواني ، وانتفع الناس بذلك .
وكذا ممن بالغ في عصرنا في ذلك مفيدنا الحافظ أبو النعيم المستملي ، و [ ص: 227 ] عمدة المحدثين النجم بن فهد الهاشمي ، فجزاهم الله خيرا .
وممن اختار التعويل عليها مع تحقق الحديث إمام الحرمين ، وما أحسن قول الإمام أحمد : إنها لو بطلت لضاع العلم ، ولذا قال عيسى بن مسكين صاحب سحنون فيما رواه أبو عمرو الداني من طريقه : هي رأس مال كبير ، وهي قوية .
وقال السلفي : هي ضرورية ; لأنه قد تموت الرواة ، وتفقد الحفاظ الوعاة ، فيحتاج إلى إبقاء الإسناد ، ولا طريق إلا الإجازة ، فالإجازة فيها نفع عظيم ، ورفد جسيم ; إذ المقصود إحكام السنن المروية في الأحكام الشرعية ، وإحياء الآثار ، وسواء كان بالسماع [ أو القراءة أو المناولة ] أو الإجازة ، قال : وسومح بالإجازة ; لقوله تعالى : وما جعل عليكم في الدين من حرج [ الحج : 78 ] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : بعثت بالحنيفية السمحة ، قال : ومن منافعها أنه ليس كل [ ص: 228 ] طالب يقدر على رحلة وسفر ، إما لعلة توجب عدم الرحلة ، أو بعد الشيخ الذي يقصده ، فالكتابة حينئذ أرفق ، وفي حقه أوفق ، فيكتب من بأقصى الغرب إلى من بأقصى الشرق ، ويأذن له في رواية ما يصح عنه - انتهى .
وقد كتب السلفي هذا من ثغر إسكندرية لأبي القاسم الزمخشري صاحب ( الكشاف ) ، وهو بمكة ، يستجيزه جميع مسموعاته وإجازاته ورواياته ، وما ألفه في فنون العلم ، وأنشأه من المقامات والرسائل والشعر ، فأجابه بجزء لطيف فيه لغة وفصاحة مع الهضم فيه لنفسه .
وكان من جملته : وأما الرواية فقريبة الميلاد ، حديثة الإسناد ، لم تعتضد بأشياخ نحارير ، ولا بأعلام مشاهير . وكذا استجاز أبا شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي ، فأجابه بقوله في أبيات :
إني أجزت لكم عني روايتكم بما سمعت من أشياخي وأقراني من بعد أن تحفظوا شرط الجواز لها
مستجمعين بها أسباب إتقان أرجو بذلك أن الله يذكرني
يوم النشور وإياكم بغفران
( والأكثرون ) من العلماء بالحديث وغيره ( طرا ) بضم الطاء وتشديد الراء المهملتين ; أي : جميعا ( قالوا به ) أي : بالجواز أيضا قبل انعقاد الإجماع عليه ، وحكاه الآمدي عن أصحاب الشافعي وأكثر المحدثين ، وبه قال الربيع ، وحكي عن أبي يوسف أيضا ، وإليه ذهب الشيخان ، ولكن شيخنا متوقف في كون البخاري كان يرى بها ; فإنه قال : إنه لم يذكر ، يعني في العلم من صحيحه ، الإجازة المجردة عن المناولة أو المكاتبة ، ولا الوجادة ولا الوصية ولا الإعلام المجردات عن الإجازة ، وكأنه لا يرى بشيء منها - انتهى .
وقد يغمض الاحتجاج لصحتها ويقال : الغرض من القراءة الإفهام ، والفهم حاصل بالإجازة المفهمة ، وهذا مأخوذ من كلام ابن الصلاح ; فإنه قال : وفي الاحتجاج لذلك غموض ; أي : من جهة التحديث والإخبار بالتفاصيل ، ويتجه أن نقول : إذا أجاز له أن يروي عنه مروياته ، يعني المعينة أو المعلومة ، فقد أخبره بها جملة ، فهو كما لو أخبره بها تفصيلا ، وإخباره له بها لا يتوقف على التصريح نطقا ، يعني في كل حديث كالقراءة ، وإنما الغرض حصول الإفهام والفهم ، وذلك يحصل بالإجازة المفهمة ، وارتضاه كل من بعده .
لكن قد بحث فيه بعض المتأخرين وقال : إنه قياس مجرد عن العلة ، فلا [ ص: 230 ] يكون صحيحا ، وأيضا فمنع الإلحاق متجه ، والفرق ناهض ; إذ لا يلزم من الجواز في المفصل الجواز في المجمل ; لجواز خصوصية في المفصل ، ولو عكس لجاز . وفيه نظر ; فابن الصلاح لم يجرد القياس عن العلة ، بل صرح بأن الإفهام يعني الإعلام بأن هذا مرويه هو المقصود بالقراءة ، وذلك حاصل بالإجازة المفهمة .
على أن هذا الباحث قد ذكر في الرد على الدباس ومن وافقه ما لعله انتزعه من ابن الصلاح ; فإنه قال : والحق أن الراوي بها إذا أخبر بأن الذي يسوقه من جملة تفاصيل ما تعلقت به الإجازة ، وأنه فرد من أفراد تلك الجملة التي وقع الإخبار بها ، وأنه قد أخبر به على هذه الكيفية لا من جهة تعينه وتشخصه ، فلا نزاع أن هذا ليس من الكذب في شيء ، وعليه يتنزل الجواز - انتهى .
والإفصاح في الإخبار بكونه إجازة بعد اشتهار معناها كاف ، وكذا يستدل لها بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ( بلغوا عني ) ) الحديث ; فقد استدل به البلقيني كما سيأتي للإجازة العامة ، فيكون هنا أولى .
ثم إن ما تقدم عن الشافعي حمله الخطيب والبيهقي على الكراهة ، ويتأيد بتصريح الربيع بالجواز ، بل صرح الشافعي بإجازتها لمن بلغ سبع سنين كما تقدم في مسألة سماع الصغير ، ويأتي في النوع السابع أيضا ، ولما قال له الحسين الكرابيسي : أتأذن لي أن أقرأ عليك الكتب ؟ قال له : خذ كتب الزعفراني فانتسخها ; فقد أجزتها لك . ولعل توقفه مع الربيع ليكون تحمله [ ص: 231 ] للكتاب على هيئة واحدة ، وكذا حمل الخطيب قول مالك : لا أراها ، على الكراهة أيضا ; لما ثبت عنه من التصريح بصحة الرواية بأحاديث الإجازة . وقد قال أبو الحسن بن المفضل الحافظ : إنه نقل عنهما - أعني مالكا والشافعي - أقوال متعارضة بظاهرها ، والصحيح تأويلها والجمع بينها ، وأن مذهبهما القول بصحتها - انتهى .
وحينئذ فالكراهة إما لخشية الاسترواح بها ، بحيث يترك السماع وكذا الرحلة بسببه ، كما صرح به شعبة ومن وافقه . وقد رده أبو الحسين بن فارس بأنا لم نقل باقتصار الطالب عليها ، بحيث لا يسعى ولا يرحل ، بل نقول بها لمن له عذر من قصور نفقة ، أو بعد مسافة ، أو صعوبة مسلك ، وأصحاب الحديث ، يعني ممن قال بها ، لا زالوا يتجشمون المصاعب ، ويركبون الأهوال في الارتحال أخذا بما حث عليه صلى الله عليه وسلم ، ولم يقعدهم اعتمادها عن ذلك . وكلام السلفي الماضي يساعده .
ونحوه قول بعض المتأخرين : إنها ملازمة في مقام المنع لبقاء الرحلة من جهة تحصيل المقام الذي هو أعلى من الإجازة في التحمل . نعم ، قد زاد الركون الآن إليها ، وكاد أن لا يؤخذ بالسماع ونحوه الكثير من الأصول المعول عليها ; لعدم تمييز السامع من المجاز ، أو للخوف من النسبة للتعجيز ; حيث لم يكن للرواية قد حاز ، بل قد توسع في الإذن لمن لم يتأهل بالإفتاء والتدريس ، واستدرج للخوض في ذلك الإيهام والتلبيس ، وكثر المتسمون بالفقه والحديث وغيرهما [ ص: 232 ] من العلوم من ضعفاء الأحلام والفهوم ، فالله يحسن العاقبة . وإما لتضمنها حمل العلم لمن ليس من أهله ، ولا عرف بخدمته وحمله ، كما دل عليه امتناع مالك من إجازة من هذه صفته ، وقوله : يحب أحدهم أن يدعى قسا ولما يخدم الكنيسة . يعني بذلك كما قال الخطيب : إن الرجل يحب أن يكون فقيه بلده ومحدث مصره من غير أن يقاسي عناء الطلب ومشقة الرحلة ; اتكالا على الإجازة ، كمن أحب من رذال النصارى أن يكون قسا ، ومرتبته لا ينالها الواحد منهم إلا بعد استدراج طويل ، وتعب شديد - انتهى .
وقد عبر بعضهم عن هذا المعنى بقوله : أتحب أن تتزبب قبل أن تتحصرم . ونحوه قول مالك أيضا : تريد أخذ هذا العلم الكثير في الوقت اليسير ، أو نحو ذلك . وكل هذا موافق لمشترط التأهل حين الإجازة ، كما سيأتي المسألة في النوع السابع ، وفي لفظ الإجازة وشرطها . وما حكاه أبو نصر عمن لم يسمعه لا ينهض دليلا على البطلان ، بل هو عين النزاع .
وكذا ما قاله الدباس وابن حزم ليس بمرضي ; لما علم من رده مما تقدم ، وأيضا فلم يقل أحد بصحة الرواية بها قبل ثبوت الخبر عن المجيز ، ولا بدون شروط الرواية ، بل قيد إمام الحرمين كما تقدم الصحة بتحقق الحديث في الأصل ، وهو اختيار الغزالي في المستصفى .
وكذا قيد البرقاني الصحة بمن كانت له نسخة منقولة من الأصل أو مقابلة به ، وإطلاق الحربي المنع - كما قال الخطيب - محمول على من لم يكن كذلك ; [ ص: 233 ] لقول الجلاب راوي ما تقدم عنه : قلت له : سمعت كتاب الكلبي وقد تقطع علي ، والذي هو عنده يريد الخروج ، فهل ترى أن أستجيزه أو أسأله أن يكتب به إلي ؟ قال : الإجازة ليست بشيء ، سله أن يكتب به إليك .
و ( كذا ) المعتمد ( وجوب العمل ) والاحتجاج بالمروي ( بها ) ممن يسوغ له ذلك عند الجمهور ; لأنه خبر متصل الرواية ، فوجب العمل به كالسماع إلا لمانع آخر ( وقيل ) ، وهو قول أهل الظاهر ومن تابعهم : ( لا ) يجب العمل به ( كحكم ) الحديث ( المرسل ) .
قال ابن الصلاح : وهذا باطل ; لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها ، ولا في الثقة به ، بخلاف المرسل ، فلا إخبار فيه البتة . وسبقه الخطيب فقال : كيف يكون من نعرف عينه وأمانته وعدالته بمنزلة من لا نعرفه ، قال : وهذا واضح لا شبهة فيه .
تتمة : هل يلتحق بذلك الإجازات بالقراءات ؟ الظاهر نعم ، ولكن قد منعه أبو العلاء الهمداني الآتي في النوع الثالث قريبا ، وأحد أئمة القراء والحديث ، وبالغ حيث قال : إنه كبيرة من الكبائر ، وكأنه حيث لم يكن الشيخ أهلا ; لأن فيها أشياء لا تحكمها إلا المشافهة ، وإلا فما المانع منه على سبيل المتابعة ، إذا كان قد أحكم القرآن وصححه كما فعله أبو العلاء نفسه ، حيث يذكر سنده بالتلاوة ثم يردفه بالإجازة ، إما للعلو أو المتابعة والاستشهاد ، بل ( سوق العروس ) لأبي معشر الطبري شيخ مكة [ ص: 234 ] مشحون بقوله : كتب إلي أبو علي الأهوازي وقد قرأ بمضمونه ، ورواه الخلق عنه من غير نكير ، وأبلغ منه رواية الكمال الضرير شيخ القراء بالديار المصرية - القراءات بكتاب ( المستنير ) لأبي طاهر بن سوار ، عن الحافظ السلفي بالإجازة العامة ، وتلقاه الناس خلفا عن سلف ، أفاده ابن الجزري .


