994 - وربما إلى القبيل ينسب مولى عتاقة وهذا الأغلب 995 - أو لولاء الحلف كالتيمي
مالك أو للدين كالجعفي 996 - وربما ينسب مولى المولى
نحو سعيد بن يسار أصلا
( وهذا ) أي : الانتساب للعتاقة وإن كان قليلا بالنسبة للأصل في الانتساب والحقيقة ( هو الأغلب ) بالنظر لما بعده ، فالخارج عن الأصل والظاهر إما للعتاقة كما تقرر ، ( أو لولاء الحلف ) الذي أصله المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق ، وأبطل الإسلام منه ما كان في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات دون نصر المظلوم وصلة الأرحام ، وهم جماعة ( كالتيمي ) بالتشديد ، هو وما بعده ( مالك ) هو ابن أنس ، إمام دار الهجرة ، فهو حميري أصبحي صليبة ، ولكن لكون نفره أصبح حلفاء عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعيد بن تيم بن مرة القرشي التيمي أخي طلحة ، نسب تيميا ، أو لولاء المصاحبة بإجارة أو تعلم أو نحو ذلك كمالك أيضا ; فإنه قيل : إنما انتسب تيميا ; لكون جده مالك بن أبي عامر كان عسيفا ، أي : أجيرا لطلحة بن عبيد الله المذكور حين كان طلحة يختلف في التجارة ، وكمقسم ، قيل له : [ ص: 395 ] مولى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ; لملازمته له ، كما سلف في المنسوبين إلى خلاف الظاهر ، وعند الطبراني مرفوعا : ( من علم عبدا آية من كتاب الله تعالى فهو مولاه ) الحديث .
ونحوه قول شعبة : من كتبت عنه حديثا فأنا له عبد أو الديوان كالليث بن سعد الفهمي ; فإنه مولى قريش ، ولكن لكونهم افترضوا في فهم نسب إليهم ، أو للاسترضاع كعبد الله بن السعدي الصحابي ، فقد قال ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) : إنه إنما قيل لأبيه السعدي ; لكونه استرضع له في بني سعد بن بكر ، أو للمجاورة .
( أو لـ ) ولاء ( الدين ) والإسلام ( كالجعفي ) بضم الجيم ثم مهملة ساكنة وفاء إمام الصنعة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري ; فإنه انتسب كذلك ; لأن جد أبيه المغيرة كان مجوسيا فأسلم على يد اليمان بن أخنس الجعفي والد جد عبد الله بن محمد بن جعفر بن يمان المسندي الجعفي شيخ البخاري ، وكأبي علي الحسن بن عيسى بن ماسرجس الماسرجسي ، بفتح السين المهملة وكسر الجيم ; فإنه كان نصرانيا وأسلم على يد ابن المبارك ، فقيل له : مولى ابن المبارك وكإبراهيم بن داود الآمدي أحد شيوخ شيخنا ; فإنه أسلم [ ص: 396 ] على يد التقي ابن تيمية فعرف به ، أو لغير ذلك مما لا نطيل به ، مما أشار البخاري في تفسير النساء من صحيحه ، لبعضه ، وقال أبو إسحاق الزجاج : كل من يليك أو والاك فهو مولى .
( وربما ) توسع حيث ( ينسب ) للقبيلة من يكون ( مولى المولى ) لها ( نحو سعيد بن يسار ) بتحتانية مثناة ثم مهملة خفيفة ، أبي الحباب الهاشمي ; فإنه لكونه مولى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب ( أصلا ) أي : للأصل بني هاشم ، وعلى هذا اقتصر ابن الصلاح ، وقيل : إنه مولى الحسن بن علي رضي الله عنهما .
وقيل : مولى أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها ، وقيل : مولى بني النجار ، وعليهما فليس بمولى لبني هاشم ، وكعبد الله بن وهب القرشي الفهري المصري ; فإنه مولى يزيد بن رمانة ، ويزيد مولى يزيد بن أنيس الفهري ، وفي وقتنا أحمد بن محمد بن بركوت المكيني ، نسب لمكين الدين اليمني ; لكونه معتق سيد معتق بركوت .
وقد أفرد الموالي لكن من المصريين خاصة أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي ، وأفردت موالي النبي صلى الله عليه وسلم خاصة في كراسة ، ولا يعرف [ ص: 397 ] تمييز كل هذا إلا بالتنصيص عليه ، وهو من الضروريات ; لاشتراط حقيقة النسب في الإمامة العظمى ، والكفاءة في النكاح والتوارث وغيرها من الأحكام الشرعية ، ولاستحباب التقديم به في الصلاة وغيرها ، وإن كان قد ورد في الحديث الصحيح : ( مولى القوم من أنفسهم ) . وقال أبو داود في سننه عن أبي جعفر محمد بن عيسى بن الطباع : كنا نقول : إنه - يعني عنبسة بن عبد الواحد القرشي ـ من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي ، وكان جماعة من سادات العلماء في زمن السلف من الموالي ، فروى مسلم في صحيحه أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما تلقاه نائب مكة إلى أثناء الطريق في حج أو عمرة قال له : من استخلفت على أهل الوادي ؟ قال : ابن أبزى . قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : رجل من الموالي . فقال : أما إني سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله تعالى يرفع بهذا العلم أقواما ويضع به آخرين ) .
وذكر الزهري أن عبد الملك بن مروان ، قال له : من يسود أهل مكة ؟ فقلت : عطاء . قال : فأهل اليمن ؟ قلت : طاوس . قال : فأهل الشام ؟ قلت : مكحول . قال : فأهل مصر ؟ فقلت : يزيد بن أبي حبيب . قال : فأهل الجزيرة ؟ فقلت : ميمون بن مهران . قال : فأهل خراسان ؟ قلت : الضحاك بن مزاحم . قال : فأهل البصرة ؟ فقلت : الحسن بن أبي الحسن . قال : فأهل الكوفة ؟ فقلت : إبراهيم النخعي . وذكر أنه يقول له عند كل واحد : من العرب أم من الموالي ؟ قال فيقول : من الموالي إلا النخعي ; فإنه من العرب ، [ ص: 398 ] فقال له : ويلك يا زهري ! فرجت عني . يعني لذكره عربيا ، ثم قال : والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها ، فقلت : يا أمير المؤمنين إنما هو أمر الله ودينه ، فمن حفظه ساد ، ومن ضيعه سقط .
قال المصنف : وهذا من عبد الملك إما فراسة ، أو بلغه من أهل العلم أو أهل الكتاب ، قال ابن الصلاح : وفيما نرويه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي إلا المدينة ; فإن الله خصها بقرشي ، فكان فقيهها بغير مدافع سعيد بن المسيب ، ثم قال ابن الصلاح : وفي هذا بعض الميل ، فقد كان حينئذ من العرب غير ابن المسيب فقهاء أئمة مشاهير ، منهم الشعبي والنخعي ، بل جميع فقهاء المدينة السبعة الذين منهم ابن المسيب عرب سوى سليمان بن يسار ، قال البلقيني : ويمكن أن يقال : إن الشعبي والنخعي لم يكونا حين موت العبادلة في طبقة سعيد ، وما عداهما فهم بالمدينة .
وسأل بعض الأعراب رجلا من أهل البصرة : من سيد هذه البلدة ؟ قال : الحسن بن أبي الحسن البصري . قال : أمولى هو ؟ قال : نعم . قال : فبم سادهم ؟ فقال : بحاجتهم إلى علمه وعدم احتياجه إلى دنياهم . فقال الأعرابي : هذا لعمر أبيك هو السؤدد . ونحوه قول عبد الملك للزهري في القصة الماضية : وبم سادهم عطاء ؟ قلت : بالديانة والرواية . قال : إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا . وقال الشاطبي :
أبو عمر هم واليحصبي ابن عامر صريح وباقيهم أحاط به الولا
[ ص: 399 ] واعلم أن المولى من الأسماء المشتركة بالاشتراك اللفظي الموضوعة لكل واحد من الضدين ; إذ هي موضوعة للمولى من أعلى ، وهو المنعم المعتق ، بكسر المثناة ، والمولى من أسفل ، وهو المعتق بفتحها ، ومعرفة كل منهما مهمة ; ولذا قال شيخنا في النخبة : ومعرفة الموالي من أعلى ومن أسفل ، وغفل الكمال الشمني في شرح هذا الموضع منها عن مراده ، فجعل مولى المولى هو الأسفل ، وما عداه الأعلى ، وتبعه ولده رحمة الله تعالى عليهما .


