[ ص: 483 ] 65 - قالوا : حديث يبطله حجة العقل
nindex.php?page=treesubj&link=29854تعبير الرؤيا
قالوا : رويتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=950004الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ، فإذا عبرت وقعت .
قالوا : كيف تكون الرؤيا على رجل طائر ؟ وكيف تتأخر عما تبشر به أو تنذر منه بتأخر العبارة لها وتقع إذا عبرت ؟ وهذا يدل على أنها إن لم تعبر لم تقع .
قال
أبو محمد : ونحن نقول : إن هذا الكلام خرج مخرج كلام العرب ، وهم يقولون للشيء إذا لم يستقر : هو على رجل طائر ، وبين مخاليب طائر ، وعلى قرن ظبي ، يريدون أنه لا يطمئن ولا يقف . قال رجل في
nindex.php?page=showalam&ids=15699الحجاج بن يوسف :
كأن فؤادي بين أظفار طائر من الخوف في جو السماء محلق حذار امرئ قد كنت أعلم أنه
متى ما يعد من نفسه الشر يصدق
[ ص: 484 ] وقال المرار يذكر فلاة تنزو من مخافتها قلوب الأدلاء :
كأن قلوب أدلائها معلقة بقرون الظباء
يريد أنها تنزو وتجب ، فكأنها معلقة بقرون الظباء ؛ لأن الظباء لا تستقر ، وما كان على قرونها فهو كذلك ، وقال
امرؤ القيس :
ولا مثل يوم في قدار ظللته كأني وأصحابي على قرن أعفرا
يريد أنا لا نستقر ولا نطمئن ، فكأنا على قرن ظبي ، وكذلك الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر يراد أنها تجول في الهواء حتى تعبر ، فإذا عبرت وقعت ولم يرد أن كل من عبرها من الناس وقعت كما عبر ، وإنما أراد بذلك العالم بها المصيب الموفق ، وكيف يكون الجاهل المخطئ في عبارتها لها عابرا وهو لم يصب ولم يقارب ، وإنما يكون عابرا لها إذا أصاب ، يقول الله - عز وجل -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43إن كنتم للرؤيا تعبرون يريد إن كنتم تعلمون عبارتها .
[ ص: 485 ] ولا أراد أن كل رؤيا تعبر وتتأول ؛ لأن أكثرها أضغاث أحلام ، فمنها ما يكون عن غلبة الطبيعة ، ومنها ما يكون عن حديث النفس ، ومنها ما يكون من الشيطان ، وإنما تكون الصحيحة التي يأتي بها الملك ملك الرؤيا ، عن نسخة أم الكتاب في الحين بعد الحين .
قال
أبو محمد : حدثني
يزيد بن عمرو بن البراء قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12090عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي قال : حدثنا قرة بن خالد قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=950005الرؤيا ثلاثة : فرؤيا بشرى من الله تعالى ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، ورؤيا يحدث بها الإنسان نفسه فيراها في النوم .
وحدثني
سهل بن محمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي ، عن
أبي المقدام ، أو
nindex.php?page=showalam&ids=16823قرة بن خالد قال : كنت أحضر
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يسأل عن الرؤيا ، فكنت أحزره يعبر من كل أربعين واحدة أو قال : أحزوه .
وهذه الصحيحة هي التي تجول حتى يعبرها العالم بالقياس الحافظ للأصول الموفق للصواب ، فإذا عبرها وقعت كما عبر .
[ ص: 483 ] 65 - قَالُوا : حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ حُجَّةُ الْعَقْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=29854تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا
قَالُوا : رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=950004الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ .
قَالُوا : كَيْفَ تَكُونُ الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ ؟ وَكَيْفَ تَتَأَخَّرُ عَمَّا تُبَشِّرُ بِهِ أَوْ تُنْذِرُ مِنْهُ بِتَأَخُّرِ الْعِبَارَةِ لَهَا وَتَقَعُ إِذَا عُبِّرَتْ ؟ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إِنْ لَمْ تُعَبَّرْ لَمْ تَقَعْ .
قَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ : وَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ خَرَجَ مَخْرَجَ كَلَامِ الْعَرَبِ ، وَهُمْ يَقُولُونَ لِلشَّيْءِ إِذَا لَمْ يَسْتَقِرَّ : هُوَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ ، وَبَيْنَ مَخَالِيبِ طَائِرٍ ، وَعَلَى قَرْنِ ظَبْيٍ ، يُرِيدُونَ أَنَّهُ لَا يَطْمَئِنُّ وَلَا يَقِفُ . قَالَ رَجُلٌ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=15699الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ :
كَأَنَّ فُؤَادِي بَيْنَ أَظْفَارِ طَائِرٍ مِنَ الْخَوْفِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مُحَلِّقِ حِذَارَ امْرِئٍ قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ
مَتَى مَا يَعِدْ مِنْ نَفْسِهِ الشَّرَّ يَصْدُقِ
[ ص: 484 ] وَقَالَ الْمَرَّارُ يَذْكُرُ فَلَاةً تَنْزُو مِنْ مَخَافَتِهَا قُلُوبَ الْأَدِلَّاءِ :
كَأَنَّ قُلُوبَ أَدِلَّائِهَا مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الظِّبَاءِ
يُرِيدُ أَنَّهَا تَنْزُو وَتَجِبُ ، فَكَأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الظِّبَاءِ ؛ لِأَنَّ الظِّبَاءَ لَا تَسْتَقِرُّ ، وَمَا كَانَ عَلَى قُرُونِهَا فَهُوَ كَذَلِكَ ، وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
وَلَا مِثْلَ يَوْمٍ فِي قَدَارٍ ظَلَلْتُهُ كَأَنِّي وَأَصْحَابِي عَلَى قَرْنِ أَعْفَرَا
يُرِيدُ أَنَّا لَا نَسْتَقِرُّ وَلَا نَطْمَئِنُّ ، فَكَأَنَّا عَلَى قَرْنِ ظَبْيٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ يُرَادُ أَنَّهَا تَجُولُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى تُعَبَّرَ ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَبَّرَهَا مِنَ النَّاسِ وَقَعَتْ كَمَا عَبَّرَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْعَالِمَ بِهَا الْمُصِيبَ الْمُوَفَّقَ ، وَكَيْفَ يَكُونُ الْجَاهِلُ الْمُخْطِئُ فِي عِبَارَتِهَا لَهَا عَابِرًا وَهُوَ لَمْ يُصِبْ وَلَمْ يُقَارِبْ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ عَابِرًا لَهَا إِذَا أَصَابَ ، يَقُولُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ يُرِيدُ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ عِبَارَتَهَا .
[ ص: 485 ] وَلَا أَرَادَ أَنَّ كُلَّ رُؤْيَا تُعَبَّرُ وَتُتَأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ، فَمِنْهَا مَا يَكُونُ عَنْ غَلَبَةِ الطَّبِيعَةِ ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا الْمَلَكُ مَلَكُ الرُّؤْيَا ، عَنْ نُسْخَةِ أُمِّ الْكِتَابِ فِي الْحِينِ بَعْدَ الْحِينِ .
قَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ : حَدَّثَنِي
يَزِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبَرَاءِ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12090عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=950005الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ : فَرُؤْيَا بُشْرَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَرُؤْيَا يُحَدِّثُ بِهَا الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فَيَرَاهَا فِي النَّوْمِ .
وَحَدَّثَنِي
سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ ، عَنْ
أَبِي الْمِقْدَامِ ، أَوْ
nindex.php?page=showalam&ids=16823قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ : كُنْتُ أَحْضُرُ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنَ سِيرِينَ يُسْأَلُ عَنِ الرُّؤْيَا ، فَكُنْتُ أَحْزِرُهُ يُعَبِّرُ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ وَاحِدَةً أَوْ قَالَ : أَحَزُوَهُ .
وَهَذِهِ الصَّحِيحَةُ هِيَ الَّتِي تَجُولُ حَتَّى يُعَبِرَّهَا الْعَالِمُ بِالْقِيَاسِ الْحَافِظُ لِلْأُصُولِ الْمُوَفَّقُ لِلصَّوَابِ ، فَإِذَا عَبَّرَهَا وَقَعَتْ كَمَا عَبَّرَ .