[ ص: 174 ] قالوا حديثان متناقضان .  
11 -  الإبراد في الصلاة      .  
قالوا : رويتم أن   خباب بن الأرت  قال :  شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمضاء فلم يشكنا  يعني أنهم شكوا إليه شدة الحر وما ينالهم من الرمضاء ، وسألوه الإبراد بالصلاة فلم يشكهم ، أي لم يجبهم إلى تأخيرها .  
ثم رويتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال  أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فوح جهنم  قالوا : وهذا اختلاف لا خفاء به وتناقض .  
قال  أبو محمد     : ونحن نقول : إنه ليس هاهنا - بنعمة الله تعالى - اختلاف ولا تناقض . لأن أول الأوقات رضوان الله ، وآخر الأوقات عفو الله ، والعفو لا يكون إلا عن تقصير . فأول الأوقات أوكد أمرا وآخرها رخصة .  
وليس يجوز لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ في نفسه إلا بأعلى الأمور وأقربها إلى الله تعالى ،      [ ص: 175 ] وإنما يعمل في نفسه بالرخصة ، مرة أو مرتين ليدل بذلك الناس على جوازها . فأما أن يدوم على الأمر الأخس ويترك الأوكد والأفضل فذلك ما لا يجوز .  
فلما شكا إليه أصحابه الذين يصلون معه الرمضاء وأرادوا منه التأخير إلى أن يسكن الحر ، لم يجبهم إلى ذلك إذ كانوا معه ، ثم أمر بالإبراد من لم يحضره ، توسعة على أمته وتسهيلا عليهم ، وكذلك تغليسه بالفجر . وقوله  أسفروا بالفجر     .  
ومما يدل على أنه كان يصلي الظهر للزوال ولا يؤخرها حديث   إسماعيل ابن علية  عن  عوف  عن  المنهال  عن  أبي برزة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الهجير التي يسمونها الأولى ، حين تدحض الشمس  يعني حين تزول .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					