ثمامة قال  أبو محمد     : ثم نصير إلى ثمامة فنجده من رقة الدين وتنقص الإسلام والاستهزاء به وإرساله لسانه على ما لا يكون على مثله رجل يعرف الله تعالى ويؤمن به ، ومن المحفوظ عنه المشهور أنه رأى قوما يتعادون يوم الجمعة إلى المسجد لخوفهم فوت الصلاة ، فقال : انظروا إلى البقر ، انظروا إلى الحمير ، ثم قال لرجل من إخوانه ما صنع هذا العربي بالناس ؟ .  
محمد بن الجهم البرمكي     :  
ثم نصير إلى  محمد بن الجهم البرمكي  فنجد مصحفه كتب  أرستطاليس  في الكون والفساد والكيان ، وحدود المنطق بها ، يقطع دهره ،      [ ص: 100 ] ولا يصوم شهر رمضان ؛ لأنه فيما ذكر لا يقدر على الصوم ، وكان يقول : لا يستحق أحد من أحد شكرا على شيء فعله به أو خير أسداه إليه ؛ لأنه لا يخلو أن يكون فعل ذلك طلبا للثواب من الله تعالى ، فإنما إلى نفسه قصد . أو يكون فعله للمكافأة فإنه إلى الربح ذهب . أو يكون فعله للذكر والثناء ففي حظه سعى ، وفي حبله حطب . أو فعله رحمة له ورقة وضعت في قلبه ، فإنما سكن بتلك العطية غلته ، وداوى بها من دائه .  
وهذا خلاف قول النبي - صلى الله عليه وسلم -  لا يشكر الله من لا يشكر الناس  وذكر رجل من أصحاب الكلام عنه ، أنه أوصى عند وفاته فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال  الثلث والثلث كثير  وأنا أقول : إن ثلث الثلث كثير ، والمساكين حقوقهم في بيت المال ، إن طلبوه طلب الرجال أخذوه ، وإن قعدوا عنه قعود النساء حرموه ، فلا رحم الله من يرحمهم .  
 [ ص: 101 ] قال  أبو محمد     : وحدثني رجل سايره فنفرت به دابته ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (  اضربوها على العثار ولا تضربوها على النفار      ) وأنا أقول : لا تضربوها على العثار ولا على النفار .  
قال  أبو محمد     : ولست أدري ، أيصح هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم لا يصح ؟ وإنما هو شيء حكي عنه وقد أخطأ ، والصواب في القول الأول ؛ لأن الدابة تنفر من البئر أو من الشيء تراه ولا يراه الراكب فتتقحم ، وفي تقحمها الهلكة .  
فنهى عن ضربها على النفار وأمر بضربها على العثار لتجد فلا تعثر ؛ لأن العثرة لا تكاد تكون إلا عن توان .  
				
						
						
