[ ص: 343 ]    2 - باب الرجل يصبح جنبا في شهر رمضان  
من أدركه الصبح وهو جنب      - اختلاف أهل العلم - رأي عامة أهل العلم - من يريد الصيام وهو جنب - من قال بهذا القول -  الخطابي  يعقب - ترجيح   للشافعي     - لماذا حديث   أم سلمة  وعائشة ؟  
أخبرنا  أبو مسلم     :  محمد بن محمد بن الجنيد ،  أخبرنا   الحسن بن أحمد القاري ،  أخبرنا  أحمد بن عبد الله ،  أخبرنا  عبد الله بن محمد بن جعفر ،  حدثنا   محمد بن يحيى ،  حدثنا  أبو كريب ،  حدثنا  عيينة ،  عن   عمرو بن دينار ،  وسمع  يحيى بن جعدة ،  عن  عبد الله بن عمرو القاري ،  سمع   أبا هريرة  يقول :  لا ورب هذا البيت ما أنا قلته : من أدركه الصبح وهو جنب فلا يصومن ؛  محمد      - صلى الله عليه وسلم - قاله  ، ثم قال : حدثنيه   الفضل بن العباس     .  
 [ ص: 344 ] اختلف أهل العلم في هذا الباب ( فذهب بعضهم ) إلى إبطال صومه إذا أصبح جنبا ؛ عملا بظاهر هذا الخبر ، وقد اختلف فيه عن   أبي هريرة ،  فأشهر قوليه عند أهل العلم أنه قال : لا صوم له ، والقول الثاني قال : إذا  علم بجنابته ثم نام حتى يصبح   فهو مفطر ، وإن لم يعلم حتى يصبح فهو صائم .  
وروي نحو ذلك عن   طاوس ،   وعروة بن الزبير     .  
وذهب عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين من بعدهم إلى القول بصحة صومه ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث .  
أخبرنا  معمر بن الفاخر ،  أخبرنا   الحسن بن أحمد القاري ،  أخبرنا  أحمد بن عبد الله ،  أخبرنا  عبد الله بن محمد ،  حدثنا  أبو سعيد ،  حدثنا  أبو مصعب ،  عن  مالك ،  عن   عبد ربه بن سعيد بن قيس ،  وسمي  مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ،  عن  عائشة   وأم سلمة ،   [ ص: 345 ] قالتا :  إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصبح جنبا من جماع من غير احتلام في رمضان ، ثم يصوم ذلك اليوم     .  
رواه  مسلم  في الصحيح عن  يحيى بن يحيى ،  عن  مالك ،  وأخرجه من حديث   عمرو بن الحارث ،  عن   عبد ربه بن سعيد ،  عن  عبد الله بن كعب الحميري     : أن   أبا بكر بن عبد الرحمن  حدثه عن   أم سلمة     .  
أخبرني  عبد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار ،  أخبرنا   زاهر بن طاهر ،  أخبرنا  أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن ،  أخبرنا   أبو عمرو بن حمدان ،  أخبرنا   أحمد بن علي بن المثنى ،  حدثنا   عبد الأعلى بن حماد ،  أخبرنا   مسلم بن خالد ،  عن  عبد الله بن عبد الرحمن ،  عن  أبي يونس  مولى  عائشة ،  أن  عائشة  قالت :  سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل وأنا قائمة من وراء الباب أسمع ، فقال : إن الصلاة تدركني وأنا جنب وأنا أريد الصيام . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب وأنا أريد الصيام ، ثم أغتسل وأصوم . فقال الرجل : لست مثلك ؛ قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله ، وأعلمكم بحدود الله  
هذا حديث صحيح أخرجه  مسلم  في كتابه من حديث   إسماعيل بن جعفر ،  عن  عبد الله بن عبد الرحمن     .  
وممن روينا عنه نحو هذا القول  علي ،   وابن مسعود ،   وزيد بن ثابت ،  وأبو ذر ،  وأبو الدرداء ،   وابن عباس     .  
وبه قال   ابن عمر ،  وعائشة     .  
 [ ص: 346 ] وهو مذهب  مالك ،   والشافعي ،  وعامة  أهل  الحجاز ،     والثوري ،  وأبي حنيفة ،  وعامة  أهل  الكوفة ،    سوى  النخعي ،  وأحمد ،  وإسحاق ،  وأهل  البصرة ،    سوى  الحسن ،  وأهل  الشام      .  
 وقد اختلفت الرواية عن  الحسن  في ذلك ، وقال  النخعي  ؛ إن كان الصوم فرضا أفطر ، وإن كان تطوعا لم يفطر .  
قرئ على  أبي المحاسن محمد بن عبد الخالق الجوهري ،  وأنا أسمع ، أخبرك   أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل  في كتابه ، أخبرنا  أبو نصر أحمد بن محمد البلخي ،  حدثنا  أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي ،  قال : فأحسن ما سمعت في تأويل ما رواه   أبو هريرة  في هذا : أن يكون ذلك محمولا على النسخ ، وذلك أن الجماع كان في أول الإسلام محرما على الصائم في الليل بعد النوم ، كالطعام والشراب ، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر ، جاز  للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم   ذلك اليوم ؛ لارتفاع الحظر المتقدم ، فيكون تأويل قوله :  من أصبح فلا يصوم  أي : من جامع في الصوم بعد النوم فلا يجزيه صوم غده ؛ لأنه لا يصبح جنبا إلا وله أن يطأ قبل الفجر بطرفة عين ، وكان   أبو هريرة  يفتي بما سمعه من   الفضل بن العباس  على الأمر الأول ولم يعلم بالنسخ ، فلما سمع خبر  عائشة   وأم سلمة  صار إليه .  
وقد روي عن   سعيد بن المسيب  أنه قال : رجع   أبو هريرة  عن فتياه فيمن أصبح جنبا أنه لا يصوم .  
وأما   الشافعي     - رحمه الله - فقد سلك في هذا الباب مسلك الترجيح ، وقال : فأخذنا بحديث  عائشة ،   وأم سلمة  زوجي النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ما رواه   أبو هريرة ،  عن رجل ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعان :  
 [ ص: 347 ] منها : أنهما زوجتاه ، وزوجتاه أعلم بهذا من رجل ؛ إنما يعرفه سماعا أو خبرا .  
ومنها أن  عائشة  مقدمة في الحفظ ،   وأم سلمة  حافظة ، ورواية اثنين أكثر من رواية واحد .  
ومنها : أن الذي روتاه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المعروف في المعقول والأشبه بالسنن ، وبسط الكلام في شرح هذا ومعناه : أن الغسل شيء وجب بالجماع وليس فعله شيء محرم على صائم ، وقد يحتلم بالنهار فيجب عليه الغسل ويتم صومه ؛ لأنه لم يجامع في نهار وجعله شبيها بالمحرم وينهى عن الطيب ، ثم يتطيب حلالا ، ثم يحرم وعليه لونه وريحه ؛ لأن نفس التطيب كان وهو مباح .  
				
						
						
