[ ص: 397 ]    5 - باب ما جاء في أكل لحوم الخيل  
النهي عن  أكل لحوم الخيل      - حديث يبيح أكل لحوم الخيل - طريق أخرى عند   البخاري     - بعض من أجاز يرى أن الحكم الأول منسوخا - كيف يروا الرخصة - رأي آخرين ممن يرى جواز الأكل - سبب التحريم - حديث  لخالد  ورد في قصة مخصوصة .  
روى   بقية بن الوليد ،  عن  ثور بن زيد ،  عن  صالح بن يحيى بن المقدام ،  عن أبيه ، عن جده ، عن   خالد بن الوليد ،  أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :  لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير     .  
هذا حديث شامي المخرج ، وقد روي من غير وجه ، وذهب بعضهم إلى ظاهر الحديث ، وخالفهم أكثر أهل العلم ، ولم يروا بأكل لحم الخيل بأسا ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث .  
 [ ص: 398 ] أخبرنا  أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل بن أحمد ،  أخبرنا   أبو الفتح عبدوس بن عبد الله ،  أخبرنا  أبو طاهر الحسين بن علي ،  أخبرنا  أحمد بن محمد ،  أخبرنا   أحمد بن شعيب ،  أخبرنا  قتيبة ،  حدثنا  سفيان ،  عن  عمرو ،  عن  جابر ،  قال :  أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمر     .  
أخبرنا  محمد بن إبراهيم بن علي ،  أخبرنا  يحيى بن عبد الوهاب ،  أخبرنا  محمد بن أحمد بن محمد الكاتب ،  أخبرنا  عبد الله بن محمد ،  أخبرنا  إسحاق بن أحمد ،  حدثنا  محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ،  حدثنا   الفضل بن موسى ،  عن   الحسين بن واقد ،  عن   عمرو بن دينار ،  عن  جابر ،  وعن  أبي الزبير ،  عن  جابر ،  وعن   ابن أبي نجيح ،  عن  عطاء ،  عن  جابر ،  قال :  أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم  خيبر   لحوم الخيل ، ونهى عن لحوم الحمر     .  
رواه   حماد بن زيد ،  عن  عمرو ،  وعن  محمد بن علي ،  عن  جابر ،  وهو الأولى .  
وذهب نفر ممن أجاز الأكل إلى أن الحكم الأول منسوخ ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث :  
منها : ما رواه   يعقوب الدورقي  عن  محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ،  عن  أيوب ،  عن  أبي الزبير ،  عن   جابر بن عبد الله ،  قال :  رخص لنا في أكل لحوم الخيل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونهينا عن أكل لحوم الحمر الأهلية     .  
 [ ص: 399 ] وفي حديث   حماد بن زيد ،  أخبرناه  عبد الرزاق بن إسماعيل ،  أخبرنا  عبد الرحمن بن حمد بن الحسن ،  أخبرنا القاضي  أحمد بن الحسين ،  أخبرنا  أحمد بن محمد ،  أخبرنا   أحمد بن شعيب ،  أخبرنا  قتيبة ،  حدثنا  حماد ،  عن  عمرو ،  وعن  محمد بن علي ،  عن  جابر  قال :  نهى ( وذكر ) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم  خيبر   عن لحوم الحمر ، وأذن في الخيل     .  
قالوا : والرخصة تستدعي سابقة منع ، وكذلك لفظ الإذن .  
قالوا : ولو لم يرد لفظ الرخصة والإذن لكان يمكن أن يقال : القطع بنسخ أحد الحكمين متعذر ؛ لاستبهام التاريخ في الجانبين ، وإذ ورد لفظ الإذن تبين أن الحظر مقدم والرخصة متأخرة ، فيتعين المصير إليها .  
وقال آخرون ممن ذهب إلى جواز الأكل : الاعتماد على الأحاديث التي تدل على جواز الأكل ؛ لثبوتها وكثرة رواتها :  
ومنها : ما رواه  أبو معاوية ،  عن   هشام بن عروة ،  عن امرأته  فاطمة بنت المنذر ،  عن   أسماء بنت أبي بكر  أنها قالت :  نحرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسا فأكلناه     .  
هذا حديث ثابت مخرج في الصحيح ، وفي رواية أخرى قالت :  أكلنا لحم فرس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره     .  
قالوا : وأما حديث   خالد بن الوليد ،  فإنه ورد في قصة معينة ، وليس هو مطلقا دالا على الحظر بعمومه ليكون الحكم الثاني رافعا للحكم الأول ، بل سبب تحريمه مغاير تحريم الحمار الإنسي والبغل ؛ لأن تحريم البغال والحمر ذاتي فكان مستمرا على التأبيد ، وتحريم أكل الخيل كان إضافيا ،      [ ص: 400 ] فزال لزوال سببه ، وذلك إنما  نهى عن أكل لحوم الخيل يوم  خيبر ؛   لأنهم تسارعوا في طبخها قبل أن تخمس ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإكفاء القدور تشديدا عليهم ، وإنكارا لصنيعهم ، ولذلك أمر بكسر القدور أولا ، ثم تركها     .  
وروينا نحو هذا المعنى عن   عبد الله بن أبي أوفى ،  فلما رأوا إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهيه عن تناول لحوم الخيل والبغال والحمير - اعتقدوا أن سبب التحريم في الكل واحد ، حتى نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  إن الله - عز وجل - ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية ؛ فإنها رجس  فحينئذ فهموا أن سبب التحريم مختلف ، وأن الحكم بتحريم الحمار الأهلي على التأبيد ، وأن الخيل إنما نهي عن تناول ما لم يخمس - كما ذكرناه - فيكون قوله رخص وأذن دفعا لهذه الشبهة .  
والذي يدل على أن حديث  خالد  ورد في قصة مخصوصة ، ما أخبرنا   أبو العلاء الحافظ ،  أخبرنا   جعفر بن عبد الواحد بن محمد ،  أخبرنا   محمد بن عبد الله الضبي ،  أخبرنا   سليمان بن أحمد ،  حدثنا  إبراهيم بن محمد بن عوف الحمصي ،  حدثنا   عمرو بن عثمان ،  حدثنا  محمد بن حرب ،  عن  أبي سلمة سليمان بن سليم ،  عن  صالح بن يحيى بن المقدام بن معديكرب ،  عن أبيه ، عن جده ، عن   خالد بن الوليد ،  قال :  غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  خيبر ،   فأتت  اليهود   النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكوا إليه أن الناس أسرعوا في حظائرهم ، فبعثني رسول الله فناديت الناس ، أن الصلاة جامعة ، ولا يدخل الجنة إلا مسلم ، فلما اجتمع الناس ، قام رسول الله فقال : ما بال  اليهود   شكوا أنكم أسرعتم في حظائرهم ؟ ألا لا تحل أموال المعاهدين بغير حقها ، وحرام عليكم الحمر الأهلية وخيلها ، وكل ذي ناب من السبع ، وكل ذي مخلب من الطير     .  
				
						
						
