[ ص: 462 ] باب  المثلة ونسخها   
حديث يبيح بالمثلة أخرجه   البخاري     - وكذلك رواه  مسلم     - جزاء الذين يحاربون الله ورسوله - ذهب جماعة إلى نسخ المثلة - رواية  لجرير     - قول عن   ابن سيرين     .  
أخبرني  عبد الرحيم بن عبد الخالق الصوفي ،  عن  أبي نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الفلكي ،  أخبرنا  أبو سعد محمد بن عبد الرحمن ،  أخبرنا   أبو عمرو بن حمدان ،  أخبرنا   أحمد بن علي بن المثنى ،  حدثنا   أبو بكر بن أبي شيبة ،  حدثنا   ابن علية ،  عن   حجاج بن أبي عثمان ،  حدثني  أبو رجاء مولى أبي قلابة ،  عن  أبي قلابة ،  عن   أنس بن مالك     :  أن نفرا من  عكل   قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها فصحوا ، فقتلوا الراعي وطردوا الإبل ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث آثارهم ، فأدركوا فجيء بهم ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا     .  
 [ ص: 463 ] أخرجه  مسلم  في الصحيح ، عن   أبي جعفر محمد بن الصباح ،   وأبي بكر بن أبي شيبة ،  عن   ابن علية  نحو ما ذكرنا ، أخرجاه في الصحيح من غير وجه ، وأخبرنا   أبو الوقت عبد الأول بن شعيب  حضورا وأجازه ، أخبرنا  عبد الرحمن بن محمد ،  أخبرنا  عبد الله بن أحمد ،  أخبرنا   سلام بن مسكين ،  حدثنا  ثابت  عن  أنس     :  أن ناسا كان بهم سقم فقالوا : يا رسول الله ، آونا وأطعمنا ، فلما صحوا ، قالوا : إن  المدينة   وخمة . فأنزلهم  الحرة   في ذود له ، وقال : اشربوا ألبانها . فلما صحوا قتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستاقوا ذوده ، فبعث في آثارهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى مات     .  
قال  سلام     : فبلغني أن  الحجاج  قال   لأنس     : حدثني بأشد عقوبة عاقبها النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثه بهذا ، فبلغ  الحسن  فقال : وددت أنه لم يحدثه .  
قلت : والحكم في  قاطع الطريق   ؛ وهو الذي شهر السلاح ، وأخاف السبيل في البلد أو في الصحراء ، إذا قتل النفس وأخذ المال ما ذكره   ابن عباس   [ ص: 464 ] في تفسير الآية ، وهو ما قرأته على  محمد بن ذاكر بن محمد المستملي ،  أخبرك  الحسن بن أحمد ،  أخبرك  محمد بن أحمد ،  أخبرك  علي بن عمر ،  حدثنا   محمد بن إسماعيل الفارسي ،  حدثنا  إسحاق بن إبراهيم ،  حدثنا   عبد الرزاق بن همام ،  عن  داود ،  عن  عكرمة ،  عن   ابن عباس     - رضي الله عنه - قال : نزلت هذه الآية في المحارب (  إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله      ) إذا عدا ؛ فقطع الطريق وقتل وأخذ المال صلب ، فإن قتل ولم يأخذ مالا قتل ، وإن أخذ المال ولم يقتل قطع من خلاف ، فإن هرب وأعجزهم فذلك نفيه     .  
ثم عدنا إلى حديث  أنس  فوجدناه يشتمل على ما ذكره   ابن عباس ،  وزيادة أنواع في العقوبة ؛ نحو : سمول العين ، ومنع الماء ، والإلقاء في الشمس ، وفي بعض الروايات الإحراق ، إلى غير ذلك من أنواع المثلة ، فأما سمول العين فقد قال  أنس     : إنما سمل أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاء .  
ذكر  إبراهيم بن عبد الرحمن القزويني ،  أخبرنا  محمد بن الفضل الطبري ،  قال : حدثت عن  غيلان بن سلمة  قال : حدثنا   يزيد بن زريع ،  عن   سليمان التيمي ،  عن   أنس بن مالك  قال :  إنما سمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين  العرنيين   لأنهم سملوا أعين الرعاء ؛ رعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما ما سوى ذلك من أنواع المثلة فذهبت جماعة إلى أنها أحكام كانت ثابتة في أول الأمر ، ثم نسخت ؛ لما نزل قوله تعالى : (  إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله      )     .  
وأخبرنا  أبو الوقت  حضورا ، وأجازه لنا ، أخبرنا  عبد الرحمن بن محمد ،  أخبرنا  عبد الله بن أحمد ،  أخبرنا  محمد بن يوسف ،  أخبرنا   محمد بن إسماعيل ،  أخبرنا   موسى بن إسماعيل ،  حدثنا  همام ،  عن  قتادة ،  عن  أنس ؛  أن أناسا اجتووا  المدينة   فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقوا براعيه ، يعني في الإبل ، فيشربوا من ألبانها وأبوالها ، فلحقوا براعيه وشربوا من ألبانها      [ ص: 465 ] وأبوالها حتى صلحت أبدانهم ، فقتلوا الراعي ، وساقوا الإبل ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث في طلبهم ، فجيء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم     .  
قال  قتادة     : فحدثني   محمد بن سيرين  أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود .  
أخبرني  أبو العلاء محمد بن جعفر ،  عن  أبي الفتح بن محمد بن أحمد ،  أخبرنا  أبو أحمد الهيثم بن محمد بن عبد الله الخراط ،  أخبرنا  محمد بن أحمد بن عبد الوهاب ،  أخبرنا  الحسن بن هارون ،  أخبرنا  محمد بن إسحاق المسيبي ،  أخبرنا  محمد بن فليح ،  حدثنا   موسى بن عقبة  قال   ابن شهاب     :  قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفر من  عرينة ،   كانوا مجهودين مضرورين ، قد كادوا يهلكون ، فأنزلهم عنده ، وسألوه أن ينحيهم من  المدينة ،   فأخرجهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى لقاح له بفيف الخبار وراء الحمى ، فيها مولى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من  أهل  اليمن    يدعى  يسارا ،  فقتلوه ، ثم مثلوا به ، واستاقوا لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم فأدركوا ، فأمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، وأمير الخيل يومئذ  معبد بن زيد     .  
ويحدث هذا الحديث كما زعموا   أنس بن مالك ،  وذكروا - والله أعلم -  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى بعد ذلك عن المثلة بالآية التي في سورة المائدة : (  إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله      ) والآية التي بعدها .  
وذكر   إبراهيم بن عبد الرحمن ،  أخبرنا  محمد بن الفضل الطبري ،  حدثنا   محمد بن بشار ،  حدثنا   زيد بن حباب ،  حدثنا  موسى بن عبيدة الربذي ،  أخبرني   محمد بن إبراهيم التيمي ،  عن   جرير بن عبد الله البجلي  أن نفرا من  عرينة   بجيلة قدموا  المدينة   فاجتووها فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقوا باللقاح فيشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا ، فسمنوا وأربعوا ، فقتلوا الرعاة ، واستاقوا الإبل إلى بلادهم ، قال  جرير     : فبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر فأدركتهم ، فجئنا بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقطع أيديهم وأرجلهم ،      [ ص: 466 ] وسمل أعينهم ، فجعلوا يقولون : الماء . وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : النار . حتى ماتوا ، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمل الأعين ؛ فأنزل الله - عز وجل - فيهم هذه الآية : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ، الآية     .  
وقال  محمد بن الفضل ،  حدثنا   محمد بن بشار ،  حدثنا   عبد الرحمن بن مهدي ،  عن  همام ،  عن  يحيى  عن  قتادة ،  عن   ابن سيرين ،  قال : كان شأن  العرنيين   قبل أن تبين الحدود التي أنزل الله - عز وجل - في المائدة من شأن المحاربين أن يقتلوا أو يصلبوا فكان شأن  العرنيين   منسوخا بالآية التي يصف فيها إقامة حدودهم     .  
وأخبرنا  محمد بن إبراهيم الفارسي ،  أخبرنا  يحيى بن عبد الوهاب ،  أخبرنا  محمد بن أحمد الكاتب ،  أخبرنا  عبد الله بن محمد ،  حدثنا  إسحاق بن أحمد ،  حدثنا  محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ،  سمعت أبي يقول : حدثنا  حمزة ،  عن  عبد الكريم ،  وسئل عن أبوال الإبل فقال : حدثني   سعيد بن جبير  عن المحاربين ، فقال :  كان ناس أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : نبايعك على الإسلام . فبايعوه وهم كذبة ، وليس الإسلام يريدون ، ثم قالوا : إنا نجتوي  المدينة      . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا اللقاح يغدو عليكم ويروح ، فاشربوا من ألبانها وأبوالها ، فبينما هم كذلك إذ جاء الصريخ يصرخ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن قتلوا الراعي وساقوا الإبل ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنودي في الناس : يا خيل الله اركبي ، فركبوا لا ينتظر فارس فارسا ، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أثرهم ، فلم يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم ، ونفوهم من أرض المسلمين ، وقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم ، وصلب ، وقطع ، وسمل الأعين ، قال : فما مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ولا بعد ، ونهى عن المثلة ، وقال : لا تمثلوا بشيء     .  
قال وكان   أنس بن مالك     - رضي الله عنه - يقول نحو ذلك ، غير أنه قال :  أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم ،  وقال بعضهم : هم ناس من  بني سليم   وناس من  بني بجيلة   وبني عرينة      .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					