الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ومن اقتدى بإمام بعدما صلى ركعة فأحدث الإمام فقدمه أجزأه ) لوجود المشاركة في التحريمة ، والأولى للإمام أن يقدم مدركا لأنه أقدر على إتمام صلاته ، وينبغي لهذا المسبوق أن لا يتقدم لعجزه عن التسليم ( فلو تقدم يبتدئ من حيث انتهى إليه الإمام ) لقيامه مقامه : ( وإذا انتهى إلى السلام يقدم مدركا يسلم بهم ، فلو أنه حين أتم صلاة الإمام قهقه أو أحدث متعمدا أو تكلم أو خرج من المسجد فسدت صلاته ، وصلاة القوم تامة ) لأن المفسد في حقه وجد في خلال الصلاة ، وفي حقهم بعد تمام أركانها ( والإمام الأول إن كان فرغ لا تفسد صلاته ، وإن لم يفرغ تفسد ) وهو الأصح ( فإن لم يحدث الإمام الأول وقعد قدر التشهد ثم قهقه ، أو أحدث متعمدا فسدت [ ص: 73 ] صلاة الذي لم يدرك أول صلاته عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقالا : لا تفسد ، وإن تكلم أو خرج من المسجد لم تفسد في قولهم جميعا ) لهما أن صلاة المقتدي بناء على صلاة الإمام جوازا وفسادا ، ولم تفسد صلاة الإمام ، فكذا صلاته ، وصار كالسلام والكلام ، وله أن القهقهة مفسدة للجزء الذي يلاقيه من صلاة الإمام فيفسد مثله من صلاة المقتدي ، غير أن الإمام لا يحتاج إلى البناء ، والمسبوق محتاج إليه ، والبناء على الفاسد فاسد ، بخلاف السلام ، لأنه منه ، والكلام في معناه .

                                                                                                        وينتقض وضوء الإمام لوجود القهقهة في حرمة الصلاة . ( ومن أحدث في ركوعه أو سجوده توضأ وبنى ، ولا يعتد بالتي أحدث فيها ) لأن إتمام الركن بالانتقال ، ومع الحدث لا يتحقق ، فلا بد من الإعادة ، ولو كان إماما فقدم غيره دام المقدم على الركوع لأنه يمكنه الإتمام بالاستدامة . ( ولو تذكر وهو راكع أو ساجد أن عليه سجدة فانحط من ركوعه أو رفع رأسه من سجوده فسجدها يعيد الركوع والسجود ) وهذا بيان الأولى لتقع أفعال الصلاة مرتبة بالقدر الممكن ، وإن لم يعد أجزأه ; لأن الانتقال مع الطهارة شرط ، وقد وجد .

                                                                                                        وعن أبي يوسف رحمه الله أنه تلزمه إعادة الركوع ; لأن القومة فرض عنده .

                                                                                                        [ ص: 74 ] قال ( ومن أم رجلا واحدا فأحدث وخرج من المسجد فالمأموم إمام نوى أو لم ينو ) لما فيه من صيانة الصلاة ، وتعيين الأول لقطع المزاحمة ، ولا مزاحمة هاهنا ، ويتم الأول صلاته مقتديا بالثاني كما إذا استخلفه حقيقة ( ولو لم يكن خلفه إلا صبي أو امرأة قيل : تفسد صلاته ) لاستخلاف من لا يصلح للإمامة ( وقيل : لا تفسد ) لأنه لم يوجد الاستخلاف قصدا ، وهو لا يصلح للإمامة ، والله أعلم .

                                                                                                        [ ص: 73 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 73 ] أحاديث الباب : أخرج أبو داود والترمذي عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قضى الإمام الصلاة ، وقعد ، فأحدث قبل أن يتكلم ، فقد تمت صلاته ، ومن كان خلفه ممن أتم الصلاة }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بالقوي ، وقد اضطربوا في إسناده . انتهى . وأخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننهما " ، قال الدارقطني : وعبد الرحمن بن زياد ضعيف لا يحتج به .

                                                                                                        وقال البيهقي : وهذا الحديث إنما يعرف بعبد الرحمن بن زياد الأفريقي ، وقد ضعفه [ ص: 74 ] يحيى بن معين . ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي ، قال : وإن صح فإنما كان قبل أن يفرض التسليم ، ثم روى بإسناده عن عطاء بن أبي رباح ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في آخر صلاته قدر التشهد أقبل على الناس بوجهه ، وذلك قبل أن ينزل التسليم }. انتهى .

                                                                                                        قلت : رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا جعفر بن عون حدثني عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة ، قالا : سمعنا عبد الله بن عمرو مرفوعا ، فذكره ، ورواه الطحاوي بسند السنن ، ولفظه : قال : { إذا قضى الإمام الصلاة ، فقعد ، فأحدث هو أو أحد ممن أتم الصلاة معه قبل أن يسلم الإمام ، فقد تمت صلاته ، فلا يعيدها }. انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه أبو نعيم الأصبهاني في " كتاب الحلية في ترجمة عمر بن ذر " حدثنا محمد بن المظفر ثنا صالح بن أحمد ثنا يحيى بن مخلد المفتي ثنا عبد الرحمن بن الحسن أبو مسعود الزجاج عن عمر بن ذر عن عطاء عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من التشهد أقبل علينا بوجهه ، وقال : من أحدث حدثا بعدما يفرغ من التشهد ، فقد تمت صلاته }وقال : غريب من حديث عمر بن ذر ، تفرد به متصلا أبو مسعود الزجاج ، ورواه غيره مرسلا ، حدثناه محمد بن أحمد بن الحسين ثنا بشير بن موسى ثنا خلاد بن يحيى ثنا عمر بن ذر أنبأ عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى التشهد ، فذكر نحوه . انتهى .

                                                                                                        وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي ، قال : إذا جلس الإمام في الرابعة ، ثم أحدث ، فقد تمت صلاته ، فليقم حيث شاء . انتهى .

                                                                                                        وأخرجه البيهقي عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي ، فذكره ، وزاد فيه : قدر التشهد ، قال : وعاصم بن ضمرة إنما يذكر في الشواهد ، فإذا انفرد بحديث لم يقبل ، ثم أسند عن أحمد بن حنبل أنه قال فيه : حديث لا يصح ، وأخرج ابن أبي شيبة نحوه عن الحسن وابن المسيب وعطاء وإبراهيم النخعي




                                                                                                        الخدمات العلمية