الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 414 - 416 ] فصل في الغنم

                                                                                                        ( ليس في أقل من أربعين من الغنم السائمة صدقة ، فإذا كانت أربعين سائمة وحال عليها الحول ففيها شاة ، إلى مائة وعشرين ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان ، إلى مائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه ، فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه ، ثم في كل مائة شاة شاة ) هكذا ورد البيان في كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وفي كتاب أبي بكر رضي الله عنه وعليه انعقد الإجماع . ( والضأن والمعز سواء ) لأن لفظة الغنم شاملة للكل ، والنص ورد به .

                                                                                                        ويؤخذ الثني في زكاتها ، ولا يؤخذ الجذع من الضأن إلا في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله ، والثني منها : ما تمت له سنة ، والجذع : ما أتى عليه أكثرها .

                                                                                                        وعن أبي حنيفة رحمه الله وهو قولهما إنه يؤخذ الجذع . لقوله عليه الصلاة والسلام { إنما حقنا الجذع والثني }. [ ص: 417 - 418 ] ولأنه يتأدى به الأضحية فكذا الزكاة . وجه الظاهر حديث علي رضي الله عنهم وقوفا ومرفوعا { لا يؤخذ في الزكاة إلا الثني فصاعدا }ولأن الواجب هو الوسط ، وهذا من الصغار ، ولهذا لا يجوز فيها الجذع من المعز . وجواز التضحية به عرف نصا ، والمراد بما روي الجذعة من الإبل .

                                                                                                        ( ويؤخذ في زكاة الغنم الذكور والإناث ) لأن اسم الشاة ينتظمهما ، [ ص: 419 ] وقد قال عليه الصلاة والسلام { في أربعين شاة شاة }والله أعلم .

                                                                                                        [ ص: 416 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 416 ] فصل في الغنم الحديث العاشر : حديث بيان زكاة الغنم في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكتاب أبي بكر رضي الله عنه ، قلت : تقدم في كتاب أنس ، وفي كتاب عمر ، وفي كتاب عمرو بن حزم قوله : والضأن والمعز فيه سواء ; لأن لفظة الغنم شاملة للكل ، والنص ورد به ، قلت : الضمير في به راجع إلى الغنم ، مذكور في كتاب أنس ، قال : { وفي الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة } ، رواه البخاري .

                                                                                                        الحديث الحادي عشر : قال عليه السلام : { إنما حقنا الجذعة ، والثني } ، قلت : حديث غريب ، وبمعناه ما أخرجه أبو داود ، وابن ماجه في " الضحايا " عن عاصم بن كليب عن أبيه ، قال : { كنا مع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له : مجاشع ، من بني سليم ، فعزت الغنم ، فأمرنا مناديا فنادى : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الجذع يوفي [ ص: 417 ] ما يوفي منه الثني }. انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من مزينة . أو جهينة ، قال : { كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قبل الأضحى بيوم أو يومين ، أعطوا جذعين ، وأخذوا ثنيا ، فقال عليه السلام : إن الجذعة تجزئ مما تجزئ منه الثنية }. انتهى .

                                                                                                        ومن طريق أحمد رواه الحاكم في " المستدرك في الضحايا " ، وصححه ، وعاصم بن كليب أخرج له مسلم .

                                                                                                        وقال أحمد رضي الله عنه : لا بأس بحديثه ، وقال أبو حاتم : صالح ، وقال ابن المديني : لا يحتج به إذا انفرد ، قاله المنذري . { حديث آخر } أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وأحمد في " مسنده " عن زكريا بن إسحاق حدثني عمرو بن أبي سفيان عن مسلم بن شعبة عن { سعر ، قال : جاءني رجلان ، مرتدفان ، فقالا : إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا إليك لتؤتينا صدقة غنمك ، قلت : وما هي ؟ قالا : شاة ، قال : فعمدت إلى شاة ممتلئة مخاضا وشحما ، فقالا : هذه شافع ، وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شافعا ، والشافع : التي في بطنها ولدها . قلت : فأي شيء تأخذان ؟ قالا : عناقا جذعة ، أو ثنية . فأخرجت إليهما عناقا ، فتناولاها }. انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } رواه مالك في " الموطأ " من حديث سفيان بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه مصدقا ، فكان يعد على الناس السخل ، فقالوا : أتعد علينا السخل ، ولا تأخذه ، فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك ، فقال عمر : نعم ، نعد عليهم السخلة يحملها الراعي ، ولا نأخذها ، ولا نأخذ الأكولة ، ولا الربى ، ولا الماخض ، ولا فحل الغنم ، ونأخذ الجذعة ، والثنية ، وذلك عدل بين غذاء الغنم وخياره . انتهى .

                                                                                                        قال النووي رحمه الله : سنده صحيح ، ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " الأموال " حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي عن [ ص: 418 ] مكحول أن عمر بن الخطاب ، قال لسفيان بن عبد الله في صدقة الغنم : خذ الجذع والثني .

                                                                                                        حدثنا هشام بن إسماعيل عن محمد بن شعيب عن الأوزاعي عن سالم بن عبد الله المحاربي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث مصدقا ، فأمره أن يأخذ الجذعة والثنية . انتهى . قال النووي : الغذاء : " بغين مكسورة وذال معجمة ممدودة " ، وهو الرديء . انتهى .

                                                                                                        الحديث الثاني عشر : روي عن علي موقوفا ومرفوعا ، { لا يؤخذ في الزكاة إلا الثني ، فصاعدا } ، قلت : غريب ، وأخرجه إبراهيم الحربي في كتابه " غريب الحديث " عن ابن عمر ، قال : لا يجزئ في الضحايا إلا الثني ، فصاعدا . انتهى .

                                                                                                        ذكره في " باب : ثنا " من كتابه . قوله : وجواز التضحية عرف نصا " يعني التضحية بالجذع " ، قلت : أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن }. انتهى . وفيه أحاديث ستأتي في " الأضحية " إن شاء الله تعالى .

                                                                                                        الحديث الثالث عشر : قال عليه السلام : { في كل أربعين شاة شاة } ، قلت : تقدم في كتاب عمرو : { في الشاة : في كل أربعين شاة سائمة شاة } ، أخرجه النسائي ، وابن حبان ، والحاكم .

                                                                                                        وروى ابن ماجه في " سننه " من حديث أبي هند الصديق عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { في أربعين شاة شاة } ، وروى الطبراني في " معجمه الأوسط " من حديث سلام أبي المنذر ثنا داود بن أبي هند عن أنس { أن رسول [ ص: 419 ] الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى عماله في سنة الصدقات في كل أربعين شاة شاة }انتهى .

                                                                                                        وروى أبو داود من حديث عاصم بن ضمرة . والحارث عن علي ، قال زهير : أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { هاتوا ربع العشور ، من كل أربعين درهما درهم . إلى أن قال : وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة } ، الحديث ، ورواه الدارقطني مجزوما ، لم يشك فيه . وصححه ابن القطان ، وقد تقدم في حديث البقر بتمامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية