الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 428 ] قال : ( والزكاة عند أبي حنيفة . وأبي يوسف رحمهما اللهفي النصاب دون العفو ) وقال محمد وزفر رحمهما الله: فيهما ، حتى لو هلك العفو وبقي النصاب بقي كل الواجب عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ، وعند محمد وزفر يسقط بقدره ، لمحمد وزفر رحمهما اللهأن الزكاة وجبت شكرا لنعمة المال ، والكل نعمة ، ولهما قوله عليه الصلاة والسلام { في خمس من الإبل السائمة شاة ، وليس في الزيادة شيء حتى تبلغ عشرا }.

                                                                                                        وهكذا قال في كل نصاب ، ونفى الوجوب عن العفو ، ولأن العفو تبع للنصاب ، فيصرف الهلاك أولا إلى التبع كالربح في مال المضاربة ، ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله : يصرف الهلاك بعد العفو إلى النصاب الأخير ، ثم إلى الذي يليه إلى أن ينتهي ، لأن الأصل هو النصاب الأول ، وما زاد عليه تابع ، وعند أبي يوسف رحمه الله يصرف إلى العفو أولا ، ثم إلى النصاب شائعا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث التاسع عشر : قال عليه السلام : { في خمس من الإبل شاة ، وليس في الزيادة شيء حتى تبلغ عشرا } ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، قال ابن الجوزي في " التحقيق " : وروى القاضي أبو يعلى ، وأبو إسحاق الشيرازي في " كتابيهما " : أن النبي صلى الله عليه وسلم : قال : { في خمس من الإبل شاة ولا شيء من الزيادة حتى تبلغ عشرا } ، انتهى . [ ص: 429 ] وقوله : { في خمس من الإبل شاة } ، تقدم في كتاب عمر رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة ، وكان فيه : في خمس من الإبل شاة } ، أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . وقد تقدم في كتاب أنس ، عند البخاري ، { في خمس ذود شاة }. قوله : { وليس في الزيادة حتى تبلغ عشرا } ، فروى معناه أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثنا يزيد بن هارون عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن حزم عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري { أن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب عمر رضي الله عنه في الصدقات : أن الإبل إذا زادت على عشرين ومائة فليس فيما دون العشر شيء يعني حتى تبلغ ثلاثين ومائة }. انتهى .

                                                                                                        قوله : وهكذا قال في كل نصاب ، قلت : وقد يستدل لمحمد في قوله : إن الزكاة تجب في النصاب مع العفو ، بظاهر قوله في كتاب أنس : { من كل خمس ذود شاة . فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ، ففيها بنت مخاض } ، الحديث . { وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة } ، الحديث . وكذلك في كتاب عمرو بن حزم ، ووجه الدليل أنه غير الوجوب إلى النصاب الآخر ، فدل على أن الوجوب الأول منسحب إلى الوجوب الثاني ، وما بينهما هو العفو .




                                                                                                        الخدمات العلمية