الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        باب في المعادن والركاز

                                                                                                        قال ( معدن ذهب أو فضة أو حديد أو رصاص أو صفر وجد في أرض خراج أو عشر ففيه الخمس ) عندنا ، وقال الشافعي رحمه الله : لا شيء عليه فيه ، لأنه مباح سبقت يده إليه كالصيد ، إلا إذا كان المستخرج ذهبا أو فضة فيجب فيه الزكاة ، ولا يشترط الحول في قول ; لأنه نماء كله والحول للتنمية ، ولنا قوله عليه الصلاة والسلام " { وفي الركاز الخمس }" وهو من الركز فأطلق على المعدن ، ولأنها كانت في أيدي الكفرة فحوتها أيدينا غلبة فكانت غنيمة ، وفي الغنائم الخمس ، بخلاف الصيد ; لأنه لم يكن في يد أحد ، إلا أن للغانمين يدا حكمية لثبوتها على الظاهر ، وأما الحقيقة فللواجد ، فاعتبرنا الحكمة في حق الخمس ، والحقيقة في حق الأربعة الأخماس ، حتى كانت للواجد .

                                                                                                        [ ص: 454 - 455 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 454 - 455 ] باب في المعادن والركاز

                                                                                                        الحديث السادس والعشرون : قال عليه السلام " { وفي الركاز الخمس }" ، قلت : رواه الأئمة الستة في " كتبهم " من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 456 ] { العجماء جبار ، والبئر جبار ، وفي الركاز الخمس }" انتهى . أخرجوه مختصرا ومطولا ، والركاز يطلق على المعدن ، وعلى المال المدفون ، هكذا ذكره المصنف ، فهنا استدل بالحديث على المعدن : وفيما بعد استدل به على الكنز ، واستدل لنا الشيخ في " الإمام " بحديث أخرجه البيهقي في " المعرفة " عن حبان بن علي عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { الركاز الذي ينبت بالأرض }" ، قال البيهقي : وروي عن أبي يوسف رحمه الله عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { في الركاز الخمس ، قيل : وما الركاز يا رسول الله ؟ قال : الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت }" . انتهى .

                                                                                                        حديث مخالف لما ذكر ، روى أبو حاتم من حديث عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { في الركاز العشور }" . انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ في " الإمام " : ورواه يزيد بن عياض عن ابن نافع . وابن نافع رحمه الله ، ويزيد كلاهما متكلم فيه ، ووصفهما النسائي بالترك . انتهى كلامه . وسكت الشيخ عن علة الحديث ، وهو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، قال ابن حبان في " كتاب الضعفاء " : كان يقلب الأخبار ، ويهم في الآثار ، قال ابن معين : ليس بشيء لا يكتب حديثه . انتهى .

                                                                                                        وحبان بن علي العنزي ، قال الشيخ : هو بكسر الحاء المهملة ، قال ابن معين في رواية : صدوق ، وفي رواية : ليس حديثه بشيء .

                                                                                                        وقال ابن نمير : في حديثه ، وحديث أخيه مندل بعض الغلط ، واستدل للخصم القائل بأن في المعدن الزكاة دون الخمس ، بما رواه مالك رضي الله عنه في " الموطأ " عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد من علمائهم ، { أن النبي عليه السلام أقطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية ، }وهي من [ ص: 457 ] ناحية الفرع ، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم . انتهى . قال ابن عبد البر : هذا منقطع في " الموطأ " ، وقد روي متصلا على ما ذكرنا في " التمهيد " من رواية الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني عن أبيه عن النبي عليه السلام ، قال الشيخ : والقبلية بفتح القاف ، والباء الموحدة والفرع : ضبطه أبو عبيد البكري بضم أوله وثانيه ، والعين المهملة قال أبو عبيد في " كتاب الأموال " : حديث منقطع ، ومع انقطاعه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ، وإنما قال : يؤخذ منه الزكاة إلى اليوم . انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية