الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1728 1729 - مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955939nindex.php?page=treesubj&link=30180_27140من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، nindex.php?page=treesubj&link=30572_18105ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، nindex.php?page=treesubj&link=30572ومن كان يومن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، nindex.php?page=treesubj&link=24550جائزته يوم وليلة ، nindex.php?page=treesubj&link=24550وضيافته ثلاثة أيام ، فما كان بعد ذلك فهو صدقة ، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه " .
[ ص: 302 ] 39710 - قال أبو عمر : قد أتينا في " التمهيد " بما فيه شفاء من الآثار المرفوعة ، وأقوال السلف - رحمهم الله - في nindex.php?page=treesubj&link=27140فضل الصمت ، وأنه منجاة لقوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955940من صمت نجا " ، إلا أن nindex.php?page=treesubj&link=32612الكلام بالخير ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإدمان الذكر ، وتلاوة القرآن أفضل من الصمت لأن الكلام بذلك غنيمة ، والصمت سلامة ، والغنيمة فوق السلامة .
39712 - وأما الذي يكتب على المؤمن من كلامه ، فمن أحسن ما قيل في ذلك ما رواه النضر بن عباس عن nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ قال : يكتب عن الإنسان كل ما يتكلم به من خير أو شر وما سوى ذلك فلا يكتب .
397713 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : حدثني الأنصاري قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قوله تعالى ] : ( nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=18ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) [ ق : 18 ] قال : لا يكتب إلا الخير والشر ، وأما قوله : يا غلام اسق [ ص: 303 ] الماء واسرج الفرس ، فلا يكتب .
39714 - وأما قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955941من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم جاره ، فإن الله تعالى قد أوصى بالجار ذي القربى ، والجار الجنب ، والصاحب بالجنب " .
39715 - وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955942ما زال جبريل يوصيني بالجار ، حتى ظننت أنه سيورثه " .
39716 - وقد ذكرنا في " التمهيد " من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد أيضا ، عن ابن شريح الكعبي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955943والله لا يؤمن جار حتى يأمن جاره بوائقه " .
[ ص: 304 ] 39717 - وذكر مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11974أبي حازم بن دينار أنه قال : كان أهل الجاهلية أبر بالجار منكم ، وهذا قائلهم يقول :
ناري ونار الجار واحدة وإليه قبلي ينزل القدر ما ضر جار ألا أجاوره ألا يكون لبابه ستر أعمى إذا ما جارتي برزت حتى يواري جارتي الخدر
39718 - وأما قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955944من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه " . فالمعنى أن المؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر ينبغي أن تكون هذه أخلاقه nindex.php?page=treesubj&link=30572_27140_24549_18105قول الخير أو الصمت ، وبر الجار ، وإكرام الضيف ، فهذه حلية المؤمن وشمته وخلقه .
39719 - وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955945المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " .
39720 - وروى ابن وهب ، nindex.php?page=showalam&ids=15500والوليد بن مسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=16818وقتيبة بن سعيد ، [ عن nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ] عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955946لا خير فيمن لا يضيف " .
[ ص: 305 ] 39721 - قال أبو عمر : أجمع العلماء على nindex.php?page=treesubj&link=24547مدح مكرم الضيف ، والثناء عليه بذلك وحمده ، وأن nindex.php?page=treesubj&link=24547الضيافة من سنن المرسلين ، nindex.php?page=treesubj&link=24547وأن إبراهيم أول من ضيف الضيف صلى الله عليه وسلم .
39722 - واختلفوا في وجوب nindex.php?page=treesubj&link=24548الضيافة فكان nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد يوجبها .
39723 - قال ابن وهب : وسمعت الليث يقول : الضيافة حق واجب .
39724 - قال أبو عمر : يحتمل أن يكون الليث أراد أن الضيافة واجبة [ في أخلاق الكرام ، ولكن قد حكى ابن وهب وغيره عنه إيجابها ليلة واحدة ، فأجاز ] للعبد المأذون له أن يضيف مما بيده ، وقال به قوم .
39725 - واحتجوا بحديث شعبة ، عن منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=241المقدام بن معد يكرب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " nindex.php?page=hadith&LINKID=955947ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم ، فإن أصبح بفنائه فإنه دين له ، إن شاء قضاه ، وإن شاء تركه .
39726 - واحتجوا بأحاديث مرفوعة في مثل هذا المعنى ، قد ذكرتها في " التمهيد " .
39727 - وحديث [ الليث في ذلك ] هو حجة لما ذهب إليه .
[ ص: 306 ] 39728 - حدثني محمد بن خليفة قال : حدثني محمد بن الحسن قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17182موسى بن هارون قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد قال : حدثني الليث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، nindex.php?page=hadith&LINKID=955948عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر قال : قلنا ، يا رسول الله ، إنك تبعثنا فنمر بقوم ، ولا يقرونا ، [ فماذا ترى ] ؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن نزلتم بقوم ، فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا ، فإن لم يفعلوا ، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي " .
39729 - قال أبو عمر : وهذا يحتمل أن يكون في أول الإسلام ، إذ كانت المواساة واجبة ، ثم أتى الله تعالي بالخير والسعة ، فصارت الضيافة جائزة وكرما مندوبا إليها ، محمودا فاعلها عليها .
39730 - وقال مالك : ليس على أهل الحضر ضيافة .
39731 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إنما الضيافة على أهل البادية وأما أهل الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر .
[ ص: 307 ] 39732 - قال أبو عمر : روى إبراهيم بن عبد الله بن همام ابن أخي عبد الرزاق عن عمه عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الضيافة على أهل الوبر ، وليست على أهل المدر " .
39733 - وهذا عندهم حديث موضوع ، وضعه ابن أخي عبد الرزاق - والله أعلم - وهو متروك الحديث .
397734 - وحدثناه عبد الله بن محمد بن يوسف قال : حدثني الحسن بن إسماعيل قال : حدثني بكر بن العلاء القسري القاضي قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15061أبو مسلم الكجي قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق ، فذكره كما ذكرنا سواء .
39735 - وقال مالك : nindex.php?page=treesubj&link=27765ليس للعبد المأذون له أن يضيف أحدا ، ولا يهب ، ولا يعير ، ولا يدعو أحدا إلى طعام ، إلا بإذن سيده .
39736 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي في العبد المأذون له .
39737 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الضيافة على أهل البادية ، والحاضرة والضيافة حق واجب في مكارم الأخلاق .
[ ص: 308 ] 39738 - قال أبو عمر : حديث مالك في هذا الباب عن سعيد ، عن أبي شريح الكعبي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم دل على أن الضيافة ليست بواجبة فرضا لأن الجائزة في لسان العرب العطية والمنحة والصلة ، وذلك لا يكون إلا على اختيار ، لا عن وجوب .
39739 - وفي قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955950من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم [ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ] ضيفه مع إجماعهم على أن nindex.php?page=treesubj&link=18105إكرام الجار وصلته وعطيته ، ليست بفرض دليل على أن الضيافة أيضا ليست بفرض .
39740 - وروى أبو إسحاق ، عن حارثة بن مضرب عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، سمعه يقول : إن إكرام الضيف يوم وليلة ، وضيافته ثلاثة أيام ، فإن أصابه بعد ذلك مرض أو مطر ، فهو دين عليه .
39741 - وكان عبد الله بن عمر يقبل الضيافة ثلاثا ، ثم يقول لنافع ، أنفق فإنا لا نأكل الصدقة ، ويقول : احبسوا عنا صدقتكم .
39742 - وسئل nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عمن أطعم ضيفه خبز الشعير وعنده خبز البر ، أو أطعمه الخبز بالزيت وعنده اللحم ، فقال : هذا ممن لا يؤمن بالله واليوم والآخر .
[ ص: 309 ] 39743 - قال أبو عمر : قوله صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=955951لا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه " ، أي لا يقيم على ضيافته أكثر من ثلاث .
39744 - والثواء : الإقامة .
397450 قال كثير :
أريد الثواء عندها وأظنها إذا ما أطلنا عندها المكث ملت
39746 - وقال الحارث بن حلزة :
آذنتنا ببينها أسماء رب ثاو يمل منه الثواء
39747 - وقوله : " حتى يحرجهم " . أي حتى يضيق عليهم ، ويضيق نفسه ، والحرج الضيق في لغة القرآن .