الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما مكة ، فقد ذكرها الله تعالى في كتابه باسمين : مكة وبكة فقال في سورة آل عمران : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا [ آل عمران : 96 ] ، وقال تعالى في سورة الفتح : وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم [ الفتح : 24 ] ، فاختلف الناس في ذلك فقال قوم : هما لغتان ، والمسمى واحد : لأن العرب تبدل الميم بالباء ، فيقولون : ضرب لازب ولازم ، لقرب المخرجين . وقال آخرون بل هما اسمان ، والمسمى بهما شيئان ، ومن قال بهذا اختلفوا ، في المسمى بهما على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن مكة اسم البلد ، وبكة اسم البيت وهذا قول إبراهيم ويحيى .

                                                                                                                                            والثاني : أن مكة الحرم كله ، وبكة المسجد كله وهذا قول زيد بن أسلم ، فأما مكة مأخوذة من قولهم تمككت المخ تمككا إذا استخرجته ، وأنشد بعض الرجاز في تلبيته :


                                                                                                                                            يا مكة الفاجر مكي مكا ولا تمكي مذحجا وعكا

                                                                                                                                            مكة الفاجر يعني بمكة العاجز عنها ، ويخرجه منها ، وأما بكة فقد قال الأصمعي : سميت بذلك : لأن الناس يبك بعضهم بعضا ، أي يدفع ، وأنشد :


                                                                                                                                            إذا الشريب أخذته أكه     فحله حتى يبك بكه

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية