مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : وإن  ترك المبيت ليلة من ليالي  منى    فعليه مد ، وإن ترك ليلتين فعليه مدان ، وإن ترك ثلاث ليال فدم ، والدم شاة يذبحها لمساكين  الحرم   ولا      [ ص: 205 ] رخصة في ترك المبيت  بمنى   إلا لرعاء الإبل وأهل سقاية  العباس   دون غيرهم ، ولا رخصة فيها إلا لمن ولي القيام عليها منهم ، وسواء من استعمل عليها منهم أو من غيرهم ؛ لأن النبي صلى الله عليه  وسلم أرخص لأهل السقاية من أهل بيته أن يبيتوا  بمكة   ليالي  منى      " .  
قال  الماوردي      : أما  المبيت  بمنى   في ليالي  منى    فسنة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات بها وأرخص للرعاة ، وأهل السقاية في التأخر عنها ، فدل على أن من لم يرخص له في التأخير محظور عليه التأخير عنها ، وإذا كان كذلك فلا يجوز ترك المبيت  بمنى   إلا لمن أرخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك المبيت بها وهما طائفتان :  
أحدهما : رعاة الإبل ، والطائفة الثانية أهل سقاية  العباس   ، قال  الشافعي      : دون غيرهم من السقايات ، وسواء من ولي القيام عليها منهم أو من غيرهم .  
وقال  مالك      : الرخصة لمن ولي عليها من  بني العباس   دون غيرهم ، وهذا خطأ : لأن الرخصة إنما كانت لاشتغالهم بإصلاح الشراب ، وإسقاء الماء معونة للحاج ، وإرفاقهم له فكان غيرهم ممن ولي ذلك في معناهم ، فأما أصحاب الأعذار من غير هؤلاء الطائفتين كالخائف والمريض والمقيم على حفظ ماله فعلى وجهين مضيا ، فإذا ثبت هذا فكل من جاز له ترك المبيت  بمنى   ممن ذكرنا جاز له ترك الرمي في اليوم الأول من أيام  منى ،   فإذا كان في اليوم الثاني أتى  منى   عن أمسه ، ثم عن يومه وأفاض منها في يومه مع النفر الأول .  
فأما غير من ذكرنا من أهل الأعذار فلا يجوز لهم ترك المبيت بها في الليلة الثالثة ، إن أفاضوا من النفر الأول ، فأما من ترك المبيت في الليلة الأولى ولا في الليلة الثانية ، ويجوز ترك المبيت بها في الليلة الأولى ، وبات في الليلة الثانية لم يجز أن يفيض في النفر الأول ، ولزمه أن يبيت في الليلة الثالثة ؛ لأن من بات في الليلة الأولى والثانية جاز أن يفيض في النفر الأول ويدع المبيت في الليلة الثالثة ؛ لأنه قد أتى بأكثر النسك ومعظمه فرخص له في ترك الأقل ، ومن بات في الليلة الثانية دون الأولى فقد أتى بأقل النسك فلم يجز أن يرخص له في ترك الأكثر ، وإذا بات أكثر ليله  بمنى   أجزاه أن يخرج أول ليله أو آخره عن  منى      .  
قال  الشافعي      : ولو  شغله طواف الإفاضة حتى يكون ليله أو أكثره  بمكة    لم يكن عليه فدية من قبل إن كان لازما له من عمل الحج ، وإنه كان له أن يعمله في ذلك الوقت ، وإنه لو كان عمله تطوعا اقتداء ، قال  الشافعي   في القديم : واستحب  للإنسان أن ينزل  بمنى   في الخيف الأيمن منه ؛   لأنه منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم .  
				
						
						
