فصل : فأما  حكم ما فعله الصبي في حجه من محظورات الإحرام الموجبة للفدية   ، فعلى ثلاثة أضرب :  
أحدهم : ما استوى حكم عمده وسهوه ، وذلك الحلق والتقليم ، وقتل الصيد فإذا فعله الصبي فالفدية فيه واجبة ، وأين تجب ؟ على وجهين :  
 [ ص: 211 ] أحدهما : في مال الصبي : لأنه مال وجب بجنايته ، فوجب أن يجب في ماله ، كما لو استهلك مال غيره .  
والوجه الثاني : أن الفدية واجبة في مال الولي ، وقد نص عليه  الشافعي   في " الإملاء " لأن الولي هو الذي ألزمه الحج بأنه له ، فكان ذلك من جهته ومنسوبا إلى فعله .  
والضرب الثاني : ما اختلف حكم عمده وسهوه ، وذلك الطيب واللباس ، فإن فعل الصبي ذلك ناسيا فلا فدية فيه كالبالغ ، وإن فعله عامدا فعلى قولين ، مبنيين على اختلاف قول  الشافعي   في عمد الصبي ، هل يجري مجرى الخطأ أو يجري مجرى العمد من البالغ العاقل على قولين :  
أحدهما : إنه يجري مجرى الخطأ ، فعلى هذا لا فدية فيه كالبالغ الناسي .  
والقول الثاني : إنه عمد صحيح ، فعلى هذا الفدية واجبة كالبالغ العامد ، وأين تجب على الوجهين : ولكن لو طيبه الولي كانت الفدية في ماله دون مال الصبي وجها واحدا .  
والضرب الثالث : ما اختلف قول  الشافعي   في عمده وسهوه ، وهو الوطء إن فعله البالغ عامدا أفسد حجه ولزمه الكفارة ، وإن فعله ناسيا فعلى قولين :  
أحدهما : كالعمد في إفساد الحج ولزوم الكفارة .  
والثاني : لا حكم له ، فعلى هذا وطء الصبي ناسيا كوطء البالغ على قولين : فأما وطء الصبي عامدا ، فإن قلنا : إن عمده عمد صحيح ، فقد أفسد حجه ولزمه إتمامه ، ووجبت الكفارة وأين تجب على الوجهين :  
أحدهما : في مال الصبي .  
والثاني : في مال الولي ، وإن قلنا : إن عمده يجري مجرى الخطأ كالبالغ الناسي . هل يفسد حجه أم لا ؟ على قولين : فإذا حكمنا بفساد حجه فهل عليه القضاء أم لا ؟ على قولين منصوصين :  
أحدهما : لا قضاء عليه : لأن إيجاب القضاء تكليف ، والصبي غير مكلف .  
والقول الثاني : عليه القضاء : لأن من لزمه الكفارة بوطئه ، لزمه القضاء بوطئه كالبالغ .  
فعلى هذا إذا قيل إن القضاء واجب عليه ، فهل يجزئه أن يقضيه قبل بلوغه أم لا ؟ على وجهين :  
أحدهما : لا يجوز أن يقضيه حتى يبلغ : لأن القضاء فرض وغير البالغ لا يصح منه أداء الفرض .  
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهب  الشافعي   ومنصوصه : أنه يجوز أن يقضيه قبل بلوغه :      [ ص: 212 ] لأنه لما جاز أن يتعلق بذمته فرض القضاء قبل بلوغه ، ولم يكن الصغر مانعا من وجوبه جاز أن يصح منه فعل القضاء قبل بلوغه ، ولا يكون الصغر مانعا من جوازه .  
				
						
						
