مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا أصاب صيدا أعور أو مكسورا فداه بمثله والصحيح أحب إلي وهو قول عطاء " .
قال الماوردي : وجملة ذلك : أن معتبرة من الوجوه كلها ، فإذا قتل صيدا أعور أو أعرج فداه بمثله من النعم أعور أو أعرج ، وإن كان لو فداه بالصحيح كان أولى لكماله ، غير أنه يجوز بمثله أعور أو أعرج ، وقال بعض أصحابنا : لا يجوز أن يفديه بمعين مثله ، وعليه أن يفديه بصحيح ، ويشبه أن يكون هذا مذهب المثلية في جزاء الصيد مالك : لأنه تجري عنده مجرى الكفارات ، وهذا خطأ : لقوله تعالى : فجزاء مثل ما قتل من النعم [ المائدة : 95 ] ، فمثل الأعور أعور ، وليس الصحيح مثلا له : ولأن النقص قد يعتور الصيد من [ ص: 296 ] وجهين : نقص صغر ، ونقص عيب ، فلما كان نقص الصغر معتبرا في المثل . وجب أن يكون نقص العيب معتبرا في المثل ، فإذا ثبت أن ذلك معتبر في المثل ، فإن كان الصيد أعور اليمنى فداه بمثله من النعم أعور اليمنى ، فإن فداه بأعور اليسرى دون اليمنى ففيه وجهان :
أحدهما : لا يجزئه بحال ، ويكون متطوعا به : لأن اختلاف المعيب يجري مجرى اختلاف الجنس : لاعتباره في المثل ، فلما ثبت أنه لو وجب عليه المثل من جنس فأخرج من غيره لم يجزه ، كذلك إذا وجب عليه المثل معيبا فأخرجه بعيب غيره لم يجزه .
والوجه الثاني : أنه يجزئه ؛ لأن اختلاف العور ليس بنقص داخل على الفقراء : لأن قدر لحمه إذا كان أعور اليسرى كقدر لحمه إذا كان أعور اليمنى ، وليس كذلك اختلاف أجناسه : لأنه قد يدخل على الفقراء إضرار به .