فصل : فأما إذا كان  عادما للهدي ، إما لتعذره أو لإعساره   ، فقد اختلف قول  الشافعي   ؛ هل له بدل أم لا ؟ على قولين :  
أحدهما : لا بدل له : لأن الله تعالى نص عليه ، ولم ينص على بدله ، فلو كان ذا بدل لنص عليه كما نص على غيره ، من دم المتعة ، والأداء وجزاء الصيد .  
والقول الثاني : له بدل ينقل إليه عند عدمه : لأن سائر الدماء الواجبة في الإحرام لها أبدال تنقل إليها مع الإعدام ، فكذلك دم الإحصار ، فإذا قلنا : ليس له بدل ، كان الدم في ذمته إلى وقت وجوده ، وهل له  التحلل قبل وجوبه ونحره   أم لا ؟ على قولين :  
أحدهما : ليس له ذلك : لقوله تعالى :  ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله   
 [ ص: 355 ]    [ البقرة : 196 ] ، ولأنه قائم مقام الأفعال التي لا يتحلل قبلها ، فكذلك الهدي الذي هو بدل منها ، فعلى هذا يكون باقيا على إحرامه إلى أن يجد الهدي ، فيتحلل به .  
والقول الثاني : له أن يتحلل في الحال قبل وجود الهدي : لأن الهدي بدل من الأفعال ، والأفعال مبدلات من الهدي ، فلما جاز أن يتحلل من المبدل قبل فعله عند تعذره ، فأولى أن يتحلل من البدل قبل فعله عند تعذره ، فعلى هذا إن قلنا : إن الحلاق نسك يقع به الإحلال ؛ يتحلل به . وإن قلنا : إباحة بعد حظر ، نوى الإحلال ، فإذا نواه فقد حل ، وإذا قلنا : لهدي الإحصار بدل ، فلا يخلو حال المحصر من أحد أمرين :  
إما أن يكون عادما للهدي بالإعسار ، أو عادما للهدي لتعذره مع القدرة على المال ، فإذا كان  عادما للهدي بإعساره   ، فبدله الصوم ، وفيه ثلاثة الأقاويل :  
أحدها : صيام ثلاثة أيام ، مثل كفارة الأذى .  
والقول الثاني : صيام عشرة أيام كالمتمتع .  
والثالث : يقوم الهدي دراهم ، والدراهم طعاما ، ويصوم عن كل مد يوما ، مثل جزاء الصيد .  
وإن كان  عادما للهدي لتعذره مع القدرة على المال   ، فهل يكون المبدل الذي ينتقل إليه طعاما أو صياما ؟ على ثلاثة أوجه :  
أحدها : الصيام كالتمتع الذي ينتقل فيه عن الدم إلى الصيام ، وإن كان قادرا على الإطعام ، فعلى هذا في الصوم ثلاثة أقاويل - على ما مضت .  
والوجه الثاني : أنه ينتقل إلى الإطعام ؛ لأنه أقرب إلى نفع المساكين من الصيام ، فعلى هذا في كيفيته وجهان :  
أحدهما : أنه يقوم الهدي دراهم ، ويشتري بالدراهم طعاما كجزاء الصيد .  
والوجه الثاني : أنه إطعام ثلاثة آصع ستة مساكين ، كل مسكين مدان ، كفدية الأذى . والوجه الثالث : في الأصل أنه مخير بين الإطعام والصيام ، كفدية الأذى ، وجزاء الصيد ، فعلى هذا إن عدل إلى الصيام ، ففيه ثلاثة أقاويل مضت ، وإن عدل إلى الإطعام ففي كيفيته وجهان مضيا ، ثم  هل يجوز أن يتحلل قبل الصوم أو الإطعام أم يكون على إحرامه حتى يأتي بالصوم والإطعام ؟   على قولين :  
أحدهما : يكون على إحرامه حتى يأتي به .  
والثاني : يجوز أن يتحلل قبل الإتيان به .  
 [ ص: 356 ] 
				
						
						
