فصل 
في مسائل منثورة 
إحداها : للمفلس العفو عن الشفعة والأخذ  ، ولا اعتراض عليه للغرماء ، وينبغي أن يعود في أخذه الخلاف السابق في شرائه في الذمة . ثم الكلام في أنه من أين يؤدي الثمن ؟ ذكرناه في التفليس . 
 [ ص: 112 ] الثانية : وهب شقصا لعبده وقلنا : يملك ، فباع شريكه  ، ثبت للعبد الشفعة ، قاله  أبو محمد     . وفي افتقاره إلى إذن السيد ، وجهان : 
الثالثة : لعامل القراض الأخذ بالشفعة فإن لم يأخذ فللمالك الأخذ ولو اشترى بمال القراض شقصا من شريك رب المال  ، فلا شفعة له على الأصح . وإن كان العامل شريكا فيه ، فله الأخذ إن لم يكن في المال ربح ، أو كان وقلنا : لا يملك بالظهور . فإن قلنا : يملك به ، فعلى الوجهين في المالك . 
الرابعة : إذا كان الشقص في يد البائع ، فقال الشفيع : لا أقبضه إلا من المشتري  ، فوجهان . أحدهما : له ذلك ، ويكلف الحاكم المشتري أن يتسلمه ويسلم إلى الشفيع . فإن كان غائبا نصب الحاكم من ينوب عنه في الطرفين . والثاني : لا يكلف ذلك ، بل يأخذه الشفيع من البائع . وسواء أخذه من المشتري أو البائع فعهدة الشفيع على المشتري ، لأن الملك انتقل إليه منه . 
قلت : الأول أصح ، وبه قطع صاحب " التنبيه " وآخرون ، هكذا ذكر الوجهين صاحب " الشامل " وآخرون ، وذكر   القاضي أبو الطيب  ، وصاحب " المهذب " وآخرون في جواز أخذ الشفيع من البائع وجهين ، وقطع صاحب " التنبيه " بالمنع . وصحح  المتولي  الجواز ، ذكره في باب حكم البيع قبل القبض . والله أعلم . 
الخامسة : اشترى شقصا بشرط البراءة من العيوب  ، فإن أبطلنا البيع ، فذاك ، وإن صححناه وأبطلنا الشرط ، فكالشراء مطلقا . وإن صححنا الشرط ، فللشفيع رده بالعيب على المشتري ، وليس للمشتري الرد . 
السادسة : لو علم الشفيع العيب ولم يعلمه المشتري  ، فلا رد للشفيع ، وليس   [ ص: 113 ] للمشتري طلب الأرش ، لأنه استدرك الظلامة ، أو لأنه لم ييأس من الرد . فلو رجع إليه ببيع وغيره ، لم يرد على العلة الأولى ، ويرد على الثانية . 
السابعة : قال أحد الشريكين للآخر : بع نصيبك فقد عفوت عن الشفعة ، فباع  ، ثبتت الشفعة ، ولغا العفو . 
قلت : وكذا لو قال للمشتري : اشتر فلا أطالبك بشفعة  ، لغا عفوه . والله أعلم . 
الثامنة : باع شقصا ، فضمن الشفيع العهدة للمشتري  ، لم تسقط شفعته . وكذا إذا شرطنا الخيار للشفيع ، وصححنا شرطه للأجنبي . 
التاسعة : أربعة بينهم دار ، فباع أحدهم نصيبه واستحق الشركاء الشفعة ، فشهد اثنان منهم على الثالث بالعفو  ، قبلت شهادتهما إن شهدا بعد عفوهما ، وإن شهدا قبله ، لم تقبل . فلو عفوا ثم أعادا تلك الشهادة ، لم تقبل أيضا للتهمة . وإن شهدا بعد عفو أحدهما ، قبلت شهادة العافي دون الآخر ، فيحلف المشتري مع العافي ، ويثبت العفو . ولو شهد البائع على عفو الشفيع قبل قبض الثمن ، لم تقبل ، لأنه قد يقصد الرجوع بتقدير الإفلاس . وإن كان بعد القبض ، فوجهان ، لأنه ربما توقع العود بسبب ما . 
العاشرة : أقام المشتري بينة بعفو الشفيع ، وأقام الشفيع بينة بأخذه بالشفعة  ، والشقص في يده ، فهل بينة الشفيع أولى لقوتها باليد ، أم بينة المشتري لزيادة علمها بالعفو ؟ وجهان . أصحهما : الثاني . 
الحادية عشرة : شهد السيد بشراء شقص فيه شفعة لمكاتبه  ، قال الشيخ  أبو محمد     :   [ ص: 114 ] تقبل شهادته . قال الإمام : كأنه أراد أن يشهد للمشتري إذا ادعى الشراء ، ثم ثبتت الشفعة تبعا . فأما شهادته للمكاتب ، فلا تقبل بحال . 
الثانية عشرة : الشفيع صبي  ، فعلى وليه الأخذ إن كان فيه مصلحة ، وإلا فيحرم الأخذ . وإذا ترك بالمصلحة ، ثم بلغ ، فهل له الأخذ ؟ فيه خلاف سبق في الحجر . 
الثالثة عشرة : بينهما دار ، فمات أحدهما عن حمل ، فباع الآخر نصيبه  ، فلا شفعة للحمل ، لأنه لا يتيقن وجوده . فإن كان له وارث غير الحمل ، فله الشفعة . وإذا انفصل حيا ، فليس لوليه أن يأخذ شيئا من الوارث . ولو ورث الحمل شفعة عن مورثه ، فهل لأبيه أو لجده الأخذ قبل انفصاله ؟ وجهان ، وبالمنع قال  ابن سريج  ، لأنه لا يتيقن . 
الرابعة عشرة : إذا أخذ الشفيع الشقص ، وبنى فيه ، أو غرس ، فخرج مستحقا ، وقلع المستحق بناءه وغراسه  ، فالقول فيما يرجع به الشفيع على المشتري من الثمن وما نقص من قيمة البناء والغراس وغير ذلك ، كالقول في رجوع المشتري من الغاصب عليه . 
الخامسة عشرة : مات وله شقص من دار ، وعليه دين مستغرق ، فباع الشريك حصته قبل بيع الشقص في الدين  ، قال  ابن الحداد     : للورثة أخذه بالشفعة ، وهذا تفريع على الصحيح : أن الدين لا يمنع انتقال الملك في التركة إلى الورثة . وإن قلنا : يمنع ، فلا شفعة لهم . ولو خلف دارا كاملة وعليه دين لا يستغرقها ، فبيع بعضها في الدين ، قالابن الحداد     : لا شفعة للورثة فيما بيع بما بقي لهم من الملك ، وهذا مستمر على الصحيح ، فإنهم إذا ملكوا الدار ، كان المبيع جزءا من ملكهم . ومن يبع من ملكه جزءا بحق ، لم يكن له استرجاعه بالباقي . وإن قلنا : يمنع ، فهل يمنع في قدر الدين ، أم في الجميع ؟ فيه خلاف مذكور في موضعه . وإن   [ ص: 115 ] قلنا بالثاني ، فلا شفعة لهم أيضا ، وإلا فلهم . ولو كانت الدار مشتركة بين الميت وورثته ، فبيع نصيبه أو بعضه في دينه ووصيته ، فقال الجمهور : لا شفعة . وقال  ابن الحداد     : لهم الشفعة ، لأن ما بيع في دينه كما لو باعه في حياته ، وهو خلاف مقتضى الأصل المذكور ، فإنهم إذا ملكوا التركة صار جميع الدار لهم ، فيكون المبيع جزءا من ملكهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					