فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا
فتحت الفاء لالتقاء الساكنين وإذا ظرف زمان والعامل فيه جئنا ذكر قوله تعالى : أبو الليث السمرقندي : حدثنا الخليل بن أحمد قال : حدثنا ابن منيع قال : حدثنا أبو كامل قال : حدثنا فضيل ، عن يونس بن محمد بن فضالة ، عن أبيه ، بني ظفر فجلس على الصخرة التي في بني ظفر ومعه ابن مسعود ومعاذ وناس من أصحابه فأمر قارئا يقرأ حتى إذا أتى على هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اخضلت وجنتاه ؛ فقال : يا رب هذا على من أنا بين ظهرانيهم فكيف من لم أرهم . وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في ، عن البخاري عبد الله قال . قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال : أمسك فإذا عيناه تذرفان . وأخرجه اقرأ علي قلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة " النساء " حتى بلغت مسلم وقال بدل قوله ( أمسك ) : فرفعت رأسي - أو غمزني رجل إلى جنبي - فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل . قال علماؤنا : بكاء النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لعظيم ما تضمنته هذه الآية من هول المطلع وشدة الأمر ؛ إذ يؤتى بالأنبياء شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب ، ويؤتى به صلى الله عليه وسلم يوم القيامة شهيدا . والإشارة بقوله على هؤلاء إلى كفار قريش وغيرهم من الكفار ؛ وإنما خص كفار قريش بالذكر لأن وظيفة العذاب أشد عليهم منها على غيرهم ؛ لعنادهم عند رؤية المعجزات ، وما أظهره الله على يديه من خوارق العادات . والمعنى فكيف يكون حال هؤلاء الكفار يوم القيامة إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا أمعذبين أم منعمين ؟ وهذا استفهام معناه التوبيخ . وقيل : الإشارة إلى جميع أمته .
[ ص: 173 ] ذكر ابن المبارك أخبرنا رجل من الأنصار ، عن ، وحدثه أنه سمع المنهال بن عمر يقول : ليس من يوم إلا سعيد بن المسيب غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم ؛ يقول الله تبارك وتعالى تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أمته فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد يعني بنبيها وجئنا بك على هؤلاء شهيدا . وموضع كيف نصب بفعل مضمر ، التقدير فكيف يكون حالهم ؛ كما ذكرنا . والفعل المضمر قد يسد مسد إذا ، والعامل في إذا جئنا . وشهيدا حال . وفي الحديث من الفقه جواز ، ويجوز عكسه . وسيأتي بيانه في حديث قراءة الطالب على الشيخ والعرض عليه أبي في سورة لم يكن ، إن شاء الله تعالى . وشهيدا نصب على الحال .