القول في كتاب الله عليكم ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : كتابا من الله عليكم ، فأخرج " الكتاب " مصدرا من غير لفظه . وإنما جاز ذلك لأن قوله تعالى : حرمت عليكم أمهاتكم ، إلى قوله : كتاب الله عليكم ، بمعنى : كتب الله تحريم ما حرم من ذلك وتحليل ما حلل من ذلك عليكم ، كتابا .
[ ص: 170 ] وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
9015 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن بشار أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : كتاب الله عليكم ، قال : ما حرم عليكم .
9016 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال : سألت ابن جريج عطاء عنها فقال : كتاب الله عليكم ، قال : هو الذي كتب عليكم الأربع ، أن لا تزيدوا .
9017 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا عن ابن علية ، ابن عون ، عن قال : قلت محمد بن سيرين لعبيدة : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم ، وأشار ابن عون بأصابعه الأربع .
9018 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا هشام ، عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة عن قوله : كتاب الله عليكم ، قال : أربع .
9019 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : السدي كتاب الله عليكم ، الأربع .
9020 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : كتاب الله عليكم ، قال : هذا أمر الله عليكم . قال : يريد ما حرم عليهم من هؤلاء وما أحل لهم . وقرأ : وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم ، إلى آخر الآية . قال : كتاب الله عليكم ، الذي كتبه ، وأمره الذي أمركم به . كتاب الله عليكم ، أمر الله .
وقد كان بعض أهل العربية يزعم أن قوله : كتاب الله عليكم ، منصوب على وجه الإغراء ، بمعنى : عليكم كتاب الله ، الزموا كتاب الله .
[ ص: 171 ] والذي قال من ذلك غير مستفيض في كلام العرب . وذلك أنها لا تكاد تنصب بالحرف الذي تغري به ، إذا أخرت الإغراء ، وقدمت المغرى به . لا تكاد تقول : " أخاك عليك ، وأباك دونك " وإن كان جائزا .
والذي هو أولى بكتاب الله : أن يكون محمولا على المعروف من لسان من نزل بلسانه هذا ، مع ما ذكرنا من تأويل أهل التأويل ذلك بمعنى ما قلنا ، وخلاف ما وجهه إليه من زعم أنه نصب على وجه الإغراء .