قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود [ ص: 3744 ]
* * *
بعد هذه العبارات القوية في معناها ومرماها، الرقيقة في مبناها قالوا متحدين شعيبا قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول أي: ما ندرك كثيرا من قولك إدراك فهم، وما ذكروا ذلك ليزدادوا فهما، بل ذكروه مستنكرين لما يريد مستهينين به، وهو يتضمن رفضا لقوله، وإنكارا لدعوته إلى التوحيد، وحسن المعاملة، والقيام بالعدل فيها وإعطاء كل ذي حق حقه، وكأن المعاملة بالبخس حق لهم، ولذا قالوا متحدين أيضا مهددين: وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك أكدوا أنهم يرونه ضعيفا لا يمتنع عليهم إذا أرادوه بسوء، ولولا جماعتك، أو عصبتك الذين يوالوننا، ولا نريد أن نغاضبهم لرجمناك، أي: لقتلناك شر قتلة، وهي القتل رميا بالحجارة حتى تموت وما أنت علينا بعزيز أي: بممتنع علينا، إن أردناك بسوء، أو أردنا رجمك، ونفوا أنه عزيز عليهم أشد النفي، فأكدوه، بالخطاب وتكراره، وبالباء، وبتقديم (علينا)، وذلك اغترار بقوتهم وسطوتهم، وتأكيد بأنه في قبضة أيديهم.