قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا .
قوله تعالى: " قل لو كان معه آلهة كما يقولون " قرأ نافع، ، وأبو عمرو وابن عامر، وحمزة، والكسائي، عن وأبو بكر ( تقولون ) بالتاء . وقرأ عاصم: ابن كثير، وحفص عن ( يقولون ) بالياء . عاصم:
قوله تعالى: " إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا " فيه قولان:
أحدهما: لابتغوا سبيلا إلى ممانعته وإزالة ملكه، قاله الحسن وسعيد بن جبير .
والثاني: لابتغوا سبيلا إلى رضاه ; لأنهم دونه، قاله قتادة .
قوله تعالى: " عما يقولون " قرأ ابن كثير، ونافع، ، وأبو عمرو وابن عامر، وأبو بكر، وحفص عن ( يقولون ) بالياء . وقرأ عاصم: حمزة بالتاء . [ ص: 39 ] والكسائي
قوله تعالى: " تسبح له السماوات السبع " قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص عن ( تسبح ) بالتاء . وقرأ عاصم: ابن كثير، ونافع، وابن عامر، عن وأبو بكر ( يسبح ) بالياء . قال عاصم: وإنما حسنت الياء هاهنا ; لأنه عدد قليل، وإذا قل العدد من المؤنث والمذكر، كانت الياء فيه أحسن من التاء، قال عز وجل في المؤنث القليل: الفراء: وقال نسوة [ يوسف: 30 ]، وقال في المذكر: فإذا انسلخ الأشهر الحرم [ التوبة: 5 ] . قال العلماء: والمراد بهذا التسبيح: الدلالة على أنه الخالق القادر .
قوله تعالى: " وإن من شيء إلا يسبح بحمده " ( إن ) بمعنى ( ما ) . وهل هذا على إطلاقه أم لا ؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه على إطلاقه، فكل شيء يسبحه حتى الثوب والطعام وصرير الباب، قاله إبراهيم النخعي .
والثاني: أنه عام يراد به الخاص . ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كل شيء فيه الروح، قاله الحسن، وقتادة، والثاني: أنه كل ذي روح، وكل نام من شجر أو نبات ; قال والضحاك . الشجرة تسبح، والأسطوانة لا تسبح . وجلس عكرمة: على طعام فقدموا الخوان، فقيل له: أيسبح هذا الخوان ؟ فقال: قد كان يسبح مرة . والثالث: أنه كل شيء لم يغير عن حاله، فإذا تغير انقطع تسبيحه، روى الحسن عن خالد بن معدان قال: إن التراب ليسبح ما لم يبتل، فإذا ابتل ترك التسبيح، وإن الورقة تسبح ما دامت على الشجرة، فإذا سقطت تركت التسبيح، وإن الثوب ليسبح ما دام جديدا، فإذا توسخ ترك التسبيح . [ ص: 40 ] المقدام بن معدي كرب،
فأما تسبيح الحيوان الناطق فمعلوم، وتسبيح الحيوان غير الناطق، فجائز أن يكون بصوته، وجائز أن يكون بدلالته على صانعه .
وفي تسبيح الجمادات ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه تسبيح لا يعلمه إلا الله . والثاني: أنه خضوعه وخشوعه لله . والثالث: أنه دلالته على صانعه، فيوجب ذلك تسبيح مبصره . فإن قلنا: إنه تسبيح حقيقة، كان قوله: " ولكن لا تفقهون تسبيحهم " لجميع الخلق، وإن قلنا: إنه دلالته على صانعه، كان الخطاب للكفار ; لأنهم لا يستدلون ولا يعتبرون . وقد شرحنا معنى " الحليم " و " الغفور " في ( البقرة: 225 ) .