قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا .
قوله تعالى: " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه " في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن نفرا من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن، فأسلم الجن والنفر من العرب لا يشعرون، فنزلت هذه الآية والتي بعدها، روي عن ابن مسعود .
والثاني: أن المشركين كانوا يعبدون الملائكة، ويقولون: هي تشفع لنا عند الله، فلما ابتلوا بالقحط سبع سنين، قيل لهم: " ادعوا الذين زعمتم " ، قاله والمعنى: قل ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة، " مقاتل، فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا " له إلى غيركم .
قوله تعالى: " أولئك الذين يدعون " في المشار إليهم بـ " أولئك " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم الجن الذين أسلموا . والثاني: الملائكة، وقد سبق بيان [ ص: 50 ] القولين . والثالث: أنهم المسيح، وعزير، والملائكة، والشمس، والقمر، قاله وفي معنى " يدعون " قولان: ابن عباس .
أحدهما: يعبدون ; أي: يدعونهم آلهة، وهذا قول الأكثرين .
والثاني: أنه بمعنى يتضرعون إلى الله في طلب الوسيلة، وعلى هذا يكون قوله: " يدعون " راجعا إلى " أولئك " ، ويكون قوله: يبتغون تماما للكلام . وعلى القول الأول يكون " يدعون " راجعا إلى المشركين، ويكون قوله: " يبتغون " وصفا لـ " أولئك " مستأنفا . وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، ( تدعون ) بالتاء . قال وأبو عبد الرحمن: فعلى هذا الفعل مردود إلى قوله: " ابن الأنباري: فلا يملكون كشف الضر عنكم " . ومن قرأ: ( يدعون ) بالياء، قال: العرب تنصرف من الخطاب إلى الغيبة إذا أمن اللبس . ومعنى " يدعون " : يدعونهم آلهة . وقد فسرنا معنى " الوسيلة " في ( المائدة: 35 ) .
وفي قوله: " أيهم أقرب " قولان، ذكرهما الزجاج:
أحدهما: أن يكون " أيهم " مرفوعا بالابتداء، وخبره " أقرب " ، ويكون المعنى: يطلبون الوسيلة إلى ربهم، ينظرون أيهم أقرب إليه، فيتوسلون إلى الله به .
والثاني: أن يكون " أيهم أقرب " بدلا من الواو في " يبتغون " ، فيكون المعنى: يبتغي أيهم هو أقرب الوسيلة إلى الله ; أي: يتقرب إليه بالعمل الصالح .