فصل [في حدوث العيب في الهبة هل يمنع الاعتصار أم لا؟]
، واختلف إن حدث بها عيب ، هل يمنع الاعتصار؟ تعتصر الهبة وإن تغير سوقها بزيادة أو نقص
والقول : إن ذلك له . أحسن; لأن مضرة ذلك العيب على الواهب ، وإن زاد فكان صغيرا فكبر أو هزيلا فسمن كان فوتا ، إلا أن يكون الأب هو المنفق على العبد وبماله نما ، فلا يكون فوتا ، وهو قول محمد .
وكذلك إن كانت أمة فزوجها فله أن يعتصرها على أحد القولين; لأن التزويج عيب ، وإن ولدت كان له أن يأخذ الأمة دون ولدها والزوجة بحالها; لأن الزوجية عيب ، فلا تفيت ، والولد إنما بمال السيد; لأن الزوج المنفق على الزوجة والسيد المنفق على الولد ، إلا أن يعتصره بفور الولادة .
وقال في كتاب المدنيين في من وهب جارية فولدت : له أن يعتصرها ، ولم يبين ، هل ذلك من زوج أو زنا . مالك
واختلف إذا وطئها الابن فقال مالك : ذلك فوت . وقال وابن القاسم : إن غاب عليها وادعى أنه وطئ كان فوتا . وقال يحيى بن عمر المخزومي في كتاب محمد : له أن يعتصر ، وإن وطئها . [ ص: 3527 ]
يريد : لأن الوطء ليس بزيادة ولا نقص ، ولم يتهمهما أن يكونا عملا على ذلك ، فأشبه لو قبض منافع العبد ، والأول أحسن إن كانت من العلي لأنها لمثل ذلك توهب إلا أن تكون من الوخش فهو أخف . ولو كانت أرضا فغرسها أو بناها كان فوتا ، وإن كانت دارا فانهدمت لم يكن فوتا ، ولو هدمها الابن لأشبه أن يكون فوتا; لأنه أخرج في ذلك ثمنا ، إلا أن يعتصر العرصة وحدها .
وذكر عن سحنون في من وهب لولده الصغير دنانير فصاغها له حليا ، فليس له أن يعتصر; لأنه أحالها عن حالها ، قال : بمنزلة ما لو اشترى له بها جارية ، ثم أراد اعتصارها ، وليس السؤالان سواء إذا كانت الإجارة على الصياغة منها; لأن عين الهبة موجود ولم ينمها الولد بماله ، فإذا اشترى له بها جارية كانت هبته وهي الدنانير صارت لبائع الجارية ، والذي في يديه غير الهبة فذلك فوت . [ ص: 3528 ] ابن القاسم