[ ص: 132 ] ولما كان من المخلوقات الميت والحي؛ وكان الميت أبعد شيء عن صفة الإله؛ قال - نافيا عنها الحياة؛ بعد أن نفى القدرة؛ والعلم؛ المستلزم لأن يكون عبدتها أشرف منها؛ المستلزم لأنهم بخضوعهم لها في غاية السفه -: أموات ؛ ولما كان الوصف قد يطلق على غير الملتبس به؛ مجازا عن عدم نفعه بضده؛ وإن كان قائما به؛ عريقا فيه؛ قال: غير أحياء ؛ مبينا أن المراد بذلك على ضد ما عليه الله - حقيقة سلب الحياة؛ ألا له الخلق - من كونه حيا لا يموت؛ ولعله اقتصر على وصفهم - مع أنهم موات - بأنهم أموات؛ لأن ذلك مع كونه كافيا في المقصود من السياق - وهو إبعادهم عن الإلهية - يكون صالحا لكل مخلوق ادعي فيه الإلهية؛ وإن اتصف بالحياة؛ لأن حياته زائلة يعقبها الموت؛ ومن كان كذلك كان بعيدا عن صفة الإلهية.
ولما كانوا - مع علمهم بأن الأصنام حجارة لا حياة لها - يخاطبون من أجوافها بألسنة الشياطين - كما هو مذكور في السير؛ وغيرها من الكتب المصنفة في هواتف الجان؛ فصاروا يظنون أن لها علما بهذا الاعتبار؛ ولذلك كانوا يظنون أنها تضر؛ وتنفع؛ احتيج إلى نفي العلم عنها؛ ولما كانوا يخبرون على ألسنتها ببعض ما يسترقونه من السمع؛ [ ص: 133 ] فيكون كما أخبروا؛ لم ينف عنها مطلق العلم؛ بل نفى ما لا علم لأحد غير الله به؛ لأنهم لا يخبرون عنه بخبر إلا بان كذبه؛ فقال (تعالى) - عادا للبعث عداد المتفق عليه -: وما يشعرون ؛ أي: في هذا الحال؛ كما هو مدلول "ما"؛ أيان ؛ أي: أي حين؛ يبعثون ؛ فنفى عنهم مطلق الشعور؛ الذي هو أعم من العلم؛ فينتفي كل ما هو أخص منه.