1880 - مسألة : ومن - سواء ادعت أنها حرة أو لم تدع ، فكل ما ولدت منه فهم عبيد لسيدها لا يجبر على قبول فداء فيهم ، إلا أن ما كان من ذلك بغير إذن سيدها ، فعليها حد الزنا وليس نكاحا والولد لاحقون بالرجل إن كان جاهلا . تزوج مملوكة لغيره - بإذن السيد أو بغير إذنه
وقال : من أبو حنيفة أولادا فأولاده منها أحرار ، وعليه قيمة الأحياء منهم يوم الحكم ويرجع بما غرم من ذلك على من غره ، إن كان غره غيرهما ، أو عليها إن كانت هي غرته ، وعليه صداقها لسيدها ، ولا يرجع به على من غره ، ولا عليها ، ولا شيء عليه فيمن مات منهم ، إلا أن يكون قتل فأخذ الأب ديته ، فإن كان الأب معسرا فلا شيء عليه ولا على أولاده . تزوج امرأة على أنها حرة فوجدت مملوكة وقد ولدت منه
وقال : هم أحرار وعلى أبيهم قيمة الأحياء منهم يوم الحكم ، ولا شيء عليه فيمن مات منهم قبل ذلك ، فإن مات الأب قبل الحكم فلا شيء على الأولاد وهم أحرار - وقال مرة أخرى : عليهم قيمة أنفسهم ، وكذلك إن كان أبوهم عديما . مالك
وقال : هم أحرار وعلى أبيهم قيمتهم يوم ولدوا ، سواء من مات منهم ومن عاش . الشافعي
قال أبو محمد : اعجبوا لما في هذه الأقوال من الفضائح لا يمكن ألبتة أن تكون [ ص: 169 ] الأولاد إلا أحرارا أو مماليك ، ولا سبيل إلى قسم ثالث ، فلعمري لئن كانوا أحرارا مذ ولدوا فما يحل لسيد أمهم أخذ قيمة حر ، ولا يحل أن يغرم أبوهم في قيمتهم ثمنا أصلا .
روينا من طريق نا البخاري بشر بن مرحوم نا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : { أبي هريرة } . ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة - فذكر فيهم - : ورجل باع حرا فأكل ثمنه
وإن كانوا مماليك فما يحل لأحد إجبار إنسان على بيع مماليكه بغير نص من قرآن ، أو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ثم عجب آخر - وهو إلزامه قيمة الأحياء منهم دون من مات منهم ، ثم ارتجاعه بما غرم على من غره من قيمة الأولاد ولا يردونه بما غرم من الصداق - فأتوا بغريبة ، قالوا : لأنه قد استعاض بعضها ؟ فقلنا : وقد استعاض أولادا أحرارا ، فلا تردوه على من غره بذلك .
قال : وقد جاءت عن السلف في هذا آثار - : روينا من طريق أبو محمد عن حماد بن سلمة حميد قال : باع رجل جارية لأبيه فتسراها المشتري فولدت له أولادا فجاء أبوه فخاصمه إلى فردها وولدها إليه ، فقال المشتري : دع لي ولدي ؟ فقال : دع له ولده . عمر بن الخطاب
ورويناه بلفظ يدل على أن قضى بالخلاص على البائع . عمر
كما روينا من طريق نا سعيد بن منصور قال أنا هشيم حميد الطويل عن الحسن أن رجلا باع جارية لأبيه وأبوه غائب ، فلما قدم أبى أن يجيز بيع ابنه وقد ولدت من المشتري فاختصموا إلى ؟ فقضى للرجل بجاريته وأمر المشتري أن يأخذ بيعه بالخلاص فلزمه ؟ فقال أبو البائع : مره فليخل عن ابني ؟ فقال عمر بن الخطاب : وأنت فخل عن ابنه . عمر
قال : هذه شفاعة من أبو محمد - رضي الله عنه - لأنه قد قضى له بملكهم أو قضى منه بالخلاص . عمر
ونا محمد بن سعيد بن نبات نا عباس بن أصبغ نا محمد بن قاسم بن محمد بن عبد السلام الخشني [ ص: 170 ] نا ثنا محمد بن المثنى عبد الأعلى - هو ابن عبد الأعلى التغلبي - نا سعيد - هو ابن أبي عروبة - عن عن قتادة قال : إن أمة أتت خلاس بن عمرو طيئا فزعمت أنها حرة ، فتزوجها رجل منهم ، فولدت له أولادا ، ثم إن سيدها ظهر عليها ، فقضى لها أنها وأولادها لسيدها ، وأن لزوجها ما أدرك من متاعه ، وجعل فيهم الملة أو السنة كل رأس برأسين - قال عثمان بن عفان : وكان قتادة الحسن يقول : في كل رأس رأس .
ومن طريق نا عبد الرزاق عن معمر عن منصور بن المعتمر الحكم بن عتيبة أن امرأة باعت هي وابن لها جارية لزوجها ، فولدت الجارية للذي ابتاعها ، ثم جاء زوجها فخاصم إلى وقال : لم أبع ولم أهب ، فقال له علي بن أبي طالب : قد باع ابنك وامرأتك ؟ فقال : إن كنت ترى لي حقا فأعطني ؟ قال علي : فخذ جاريتك وابنها ، ثم سجن المرأة وابنها حتى تخلصا له ، فلما رأى ذلك الزوج سلم البيع - : فهؤلاء علي ، عمر ، وعثمان - أئمة الهدى - قد قضوا بأولاد المستحقة رقيقا لسيد أمهم ، ولا يعرف لهم في ذلك مخالف من الصحابة - رضي الله عنهم - . وعلي
إلا رواية ساقطة عن رويناها من طريق علي عن ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عياش عن مطرف الشعبي عن في رجل اشترى جارية فولدت منه أولادا ثم أقام رجل البينة أنها له ، قال : ترد عليه ، ويقوم عليه ولدها فيغرم الذي باعه بما عز وهان - علي ضعيف - وهم يشنعون خلاف مثل هذا إذا وافق أهواءهم ، وقد خالفوهم ههنا . وابن عياش
وأما نحن فلا نحتج ههنا ، ولا في غير هذا المكان جملة إلا بقرآن ، أو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما نورد ما نورد من ذلك تبكيتا لمن يحتج به إذا وافق هواه ، ولا يحتج به إذا خالفه ، وهذا هو التلاعب بالدين .
وقال عز وجل : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } وجاء حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكل من بعده بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام بأن إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام فإنه ملك لمالك أمه . ولد ما يملكه المرء من إناث الإماء وسائر الحيوان
[ ص: 171 ] فنسأل المخالفين عن هذه الغارة أو المبيعة بغير إذن مالكها : أهي زوجة للذي ولدت له ، أو ملك يمين له ، أم ليست له زوجة ، ولا ملك يمين ، ولا بد له من أحدهما ؟ .
فلا يختلفون أنها ليست له زوجة ولا ملك يمين ، وأنها إنما هي ملك يمين مالكها الذي لم يبعها ، ولا أخرجها عن ملكه ، ولا أذن لها في النكاح ، وأنها مال من ماله فإذ لا شك في هذا ، فلا يجوز لأحد الحكم بإخراج أمته أو مماليكه بما ولدت عن يده بغير قرآن أو سنة ، وهذا غاية البيان .
وبالله تعالى التوفيق .
قال : وقد جاء عن الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين أشياء نذكر منها إن شاء الله عز وجل ما يصلح لهذا المكان - : أبو محمد
روينا من طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن أبيه عن عبد الله بن طاوس قال : قال لي ابن عباس : اعقل عني ثلاثا : الإمارة شورى ، وفي وفد عمر بن الخطاب العرب مكان كل عبد عبد ، وفي ابن الأمة عبدان .
قال أبو محمد : هذا في الصحة عن - رضي الله عنه - بمنزلة ما لو سمعناه منه ولا فرق - وبالله لو ظفروا خصومنا بمثل هذا ما ترددوا ، ولاستخاروا الله تعالى لو وافق تقليدهم أن يقولوا : مثل هذا لا يقال بالرأي ، فلا شك في أنه توقيف ، كما قالوا في قول عمر عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - في ابتياع العبد وبيعه . زيد بن أرقم
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عون غاضرة العنبري قال : أتينا في نساء سعين في الجاهلية ، فأمر أن يقوم أولادهن على آبائهم ولا يسترقوا - يعني إماء زنين في الجاهلية - فولدن من الزنا . عمر بن الخطاب
ومن طريق أخبرني ابن وهب عن يونس بن يزيد ابن شهاب قال : قضى في فداء ولد الرجل من أمته قوم مكان كل جارية جارية ، ومكان كل غلام غلاما . عمر بن الخطاب
قال : وأخبرني ابن وهب أنه بلغه ذلك عن مالك أو عن عمر ; ومن طريق عثمان عن عبد الرزاق عن معمر الزهري قال : قضى في فداء سبي عمر بن الخطاب العرب بستة فرائض [ ص: 172 ] وقضى في ذلك في كل رأس أربعمائة درهم . عمر بن عبد العزيز
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة يحيى بن يحيى الغساني قال : كتب : أن عمر بن عبد العزيز قضى في فداء سبي عمر بن الخطاب العرب في كل رأس أربعمائة درهم
ومن طريق عن عبد الرزاق قال : سمعت ابن جريج يذكر أن سليمان بن موسى قضى في ولد الأمة تخبر أنها حرة فينكحها أحدهم فتلد له : أن على آبائهم مثل كل ولد له من الرقيق في الشبر والذرع ، قال عمر بن الخطاب : فقلت له : فإن كان أولاده حسانا ؟ قال : لا يكلف مثلهم في الحسن ، إنما يكلف في الذرع . ابن جريج
نا حمام نا نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي الدبري نا عن عبد الرزاق محمد بن مسلم الطائفي عن قال : نكح رجل أمة فولدت له ، فكتب في ذلك إلى إبراهيم بن ميسرة ؟ فكتب : أن يفادي أولاده - . عمر بن عبد العزيز
قال في غير كتاب ابن مفرج : بوصيفين أحمرين ، كل واحد باثنين . ابن الأعرابي
فهؤلاء كلهم لا يرون الفداء ، إلا إما بغلام مكان الذكر ، أو بجارية مكان الأنثى ، وإما بغلامين مكان غلام ذكر .
وروينا عن عن عبد الرزاق عن ابن جريج في ولد الغارة يقارب أبوهم فيهم . عطاء
ومن طريق عن عبد الرزاق عن عبد الله بن كثير عن شعبة المغيرة بن مقسم عن في الغارة قال : صداقها على الذي غره . إبراهيم
وقال حمام بن أبي سليمان مثل ذلك .
وقال الحكم فكاك ولدها على الأب - ولا نعلم عن صاحب ، ولا تابع غير ما أوردنا - فخالف الحنفيون ، والمالكيون ، والشافعيون ، كل هؤلاء ، لاختراع لهم فاسد ، وبإيجاب القيمة التي لم تأت من أحد نعلمه قبل ، ثم اتبعه أبي حنيفة ، مالك . والشافعي
وقد جاء في ذلك أثران نذكرهما - : [ ص: 173 ] روينا من طريق عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة زكريا - هو ابن أبي زائدة - عن الشعبي قال : { العرب في الجاهلية أن فداء الرجل ثمان من الإبل ، وأن في الأنثى عشرا ، قال سفيان : فأخبرني عن مجالد الشعبي أن ذلك شكا إلى ، فجعل فداء الرجل أربعمائة درهم عمر بن الخطاب } . قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سبي
ومن طريق عن عبد الرزاق عن رجل عن معمر عكرمة مولى ابن عباس قال : { العرب من أنفسهم في الرجل إذا سبي في الجاهلية بثمان من الإبل ، وفي ابن الأمة بوصيفين وصيفين ، لكل إنسان منهم - ذكر وأنثى - . وقضى في سبية الجاهلية بعشر من الإبل ، وفي ولدها من العبد بوصيفين يفديه موالي أمه - وهم عصبتها - لهم ميراثها وميراثه ، ما لم يعتق أبوه . وقضى في سبي الإسلام بستة من الإبل في الرجل والمرأة والصبي - فذلك فداء العرب } . قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فداء رقيق
فإن تعلقوا بما روينا من طريق عن عبد الرزاق قال : أبي بكر عياش أبو حصين عن الشعبي لما استخلف قال : ليس على عربي ملك ، ولسنا بنازعين من يد أحد شيئا أسلم عليه ، ولا كنا نقومهم الملة ؟ قلنا : أنتم أول مخالف لهذا ، فتوجبون الملك للعلج على أولاد العربي ، والقرشي ، إذا تزوج أمته بإذنه ، ولا يمكنكم دعوى إجماع ههنا ، لأن عمر بن الخطاب سعيد بن المسيب والأوزاعي ، ، وسفيان الثوري ، وأبا ثور ، كلهم يقول عن وإسحاق بن راهويه : في العبد يتزوج أمة رجل بإذن سيدها : أن أولاده منها أحرار لا رق عليهم ، ولا على أبيهم فداؤهم - . عمر
وهو قول الشافعي بالعراق .
قال : إن من - تعلق في رد السنة الثابتة - برواية شيخ من أبو محمد بني كنانة عن : البيع عن صفقة أو خيار . عمر
وبرواية عن مجالد الشعبي لا يؤمن أحد بعدي جالسا .
ثم خالف رواية عن سفيان بن عيينة زكريا عن الشعبي التي ذكرنا ، ورواية [ ص: 174 ] عن أبيه عن ابن طاوس عن ابن عباس - ومرسل عمر عكرمة - : لمنحوس الحظ من الصواب - ونعوذ بالله من الضلال .
ومن طرائف ما يأتون به : احتجاجهم في هذه المسألة : بأنه إنما أعتق " ولد الغارة ، والمستحقة " لأن أباهم على ذلك دخل ؟ فقلنا : إن هذا لعجب فكان ماذا ؟ وفي أي كتاب الله عز وجل وجدتم ؟ أم في أي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرج ملك فرج ، وما ولد ، عن ملك مالكهم قهرا من أجل أن الواطئ له بغير حق على ذلك دخل ، فحسبك بهذا القول هجنة - وبالله تعالى نتأيد .