فصل .
قال : : سماع ينفي العلل عن الكشف ، ويصل الأبد إلى [ ص: 500 ] الأزل ، ويرد النهايات إلى الأول . وسماع خاصة الخاصة
فالكشف هو مكافحة القلب لحقيقة المسموع . وعلله أمران :
أحدهما : الشبه التي تنتفي بهذه المكافحة ، فلا تبقى معها شبهة ، فهذا هو عين اليقين .
والثاني : نفي الوسائط بين السامع والمسموع ، فيغيب بمسموعه عنها ، ويفنى عن شهودها ، ويفنى عن شهود فنائه عنها ، بحيث يشهده هو المسمع لا الواسطة وهو الهادي ، فمنه الإسماع ، ومنه الهداية ، ومنه الابتداء ، وإليه الانتهاء .
وأما وصله الأبد إلى الأزل فهذا إن أخذ على ظاهره فهو محال ، لأن الأبد والأزل متقابلان تقابل التناقض ، فإيصال أحدهما إلى الآخر عين المحال ، وإنما مراده أن ما يكون في الأبد موجودا مشهودا فقد كان في الأزل معلوما مقدرا ، فعاد حكم الأبد إلى الأزل علما وحقيقة ، وصار الأزلي أبديا ، كما كان الأبدي أزليا في العلم والحكم .
وإيضاح ذلك : أن الأبد ظهر فيه ما كان كامنا في الأزل خافيا ، فانتهى الأمر كله إلى علمه وحكمه وحكمته ، وذلك أزلي ، وهذا رد النهايات إلى الأول ، فتصير الخاتمة هي عين السابقة ، والله تعالى هو الأول والآخر ، وكل ما كان ويكون آخرا فمردود إلى سابق علمه وحكمه ، فرجع الأبد إلى الأزل ، والنهايات إلى الأول ، والله أعلم .