[ ص: 301 ] مسألة : وأما قولنا في الرجلين فإن القرآن نزل بالمسح . قال الله تعالى : { وامسحوا برءوسكم وأرجلكم } وسواء قرئ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرءوس : إما على اللفظ وإما على الموضع ، لا يجوز غير ذلك . لأنه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأة .
وهكذا جاء عن : نزل القرآن بالمسح - يعني في ابن عباس - وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف ، منهم الرجلين في الوضوء علي بن أبي طالب وابن عباس والحسن وعكرمة والشعبي وجماعة غيرهم ، وهو قول الطبري ، ورويت في ذلك آثار .
منها أثر من طريق همام عن ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه - هو رفاعة بن رافع - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنها { } . وعن لا تجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ثنا إسحاق بن راهويه عن عيسى بن يونس عن الأعمش عبد خير عن " كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهرهما " . علي
قال : وإنما قلنا بالغسل فيهما لما حدثنا علي بن أحمد عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري مسدد ثنا أبو عوانة ، عن عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك قال { عبد الله بن عمرو بن العاص } . تخلف النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأدركنا وقد أرهقنا العصر ، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار ، مرتين أو ثلاثا
كتب إلي سالم بن أحمد قال : ثنا عبد الله بن سعيد الشنتجالي ثنا عمر بن محمد السجستاني [ ص: 302 ] ثنا محمد بن عيسى الجلودي ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا ثنا مسلم بن الحجاج ثنا إسحاق بن راهويه - عن جرير هو ابن عبد الحميد - عن منصور هو ابن المعتمر هلال بن إساف عن أبي يحيى هو مصدع الأعرج - عن قال { عبد الله بن عمرو بن العاص مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر ، فتوضئوا وهم عجال ، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويل للأعقاب من النار ، أسبغوا الوضوء } فأمر عليه السلام بإسباغ الوضوء في الرجلين ، وتوعد بالنار على ترك الأعقاب . فكان هذا الخبر زائدا على ما في الآية ، وعلى الأخبار التي ذكرنا ، وناسخا لما فيها ، ولما في الآية والأخذ بالزائد واجب ، ولقد كان يلزم من يقول بترك الأخبار للقرآن أن يترك هذا الخبر للآية ، ولقد كان يلزم من يترك الأخبار الصحاح للقياس أن يترك هذا الخبر : لأننا وجدنا الرجلين يسقط حكمهما في التيمم ، كما يسقط الرأس فكان حملهما على ما يسقطان بسقوطه ويثبتان بثباته أولى من حملهما على ما لا يثبتان بثباته . خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من
وأيضا فالرجلان مذكوران مع الرأس ، فكان حملهما على ما ذكرا معه أولى من حملهما على ما لم يذكرا معه .
وأيضا فالرأس طرف والرجلان طرف ، فكان قياس الطرف على الطرف أولى من قياس الطرف على الوسط ، وأيضا فإنهم يقولون بالمسح على الخفين ، فكان تعويض المسح من المسح أولى من تعويض المسح من الغسل .
وأيضا فإنه لما جاز المسح على ساتر للرجلين ولم يجز على ساتر دون الوجه والذراعين دل - على أصول أصحاب القياس - أن أمر الرجلين أخف من أمر الوجه والذراعين ، فإذ ذلك كذلك فليس إلا المسح ولا بد .
فهذا أصح قياس في الأرض لو كان القياس حقا .
[ ص: 303 ] وقد قال بعضهم : قد سقط حكم الجسد في التيمم ولم يدل ذلك على أن حكمه المسح . قال : فنقول صدقت وهذا يبطل قولكم بالقياس ، ويريكم تفاسده كله وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد
وهكذا كل ما رمتم الجمع بينهما بالقياس ، لاجتماعهما في بعض الصفات ، فإنه لا بد فيهما من صفة يفترقان فيها .
قال : وقال بعضهم : لما قال الله تعالى في الرجلين { علي إلى الكعبين } كما قال في الأيدي { إلى المرافق } دل على أن حكم الرجلين حكم الذراعين ، قيل له : ليس ذكر المرفقين والكعبين دليلا على وجوب غسل ذلك ; لأنه تعالى قد ذكر الوجه ولم يذكر في مبلغه حدا وكان حكمه الغسل ، لكن لما أمر الله تعالى في الذراعين بالغسل كان حكمهما الغسل ، وإذا لم يذكر ذلك في الرجلين وجب أن لا يكون حكمهما ما لم يذكر فيهما إلا أن يوجبه نص آخر قال : والحكم للنصوص لا للدعاوى والظنون . وبالله تعالى التوفيق . علي