[ ص: 197 ] وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .
قوله تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم .
سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما صد عن البيت ، ونحر هديه بالحديبية ، وصالحه المشركون على أن يرجع من العام المقبل; رجع ، فلما تجهز في العام المقبل; خاف أصحابه أن لا تفي لهم قريش بذلك ، وأن يصدوهم ويقاتلوهم ، وكره أصحابه القتال في الشهر الحرام; فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس .
قوله تعالى: ولا تعتدوا أي: ولا تظلموا . وفي المراد بهذا الاعتداء أربعة أقوال . أحدها: أنه قتل النساء والولدان ، قاله ابن عباس ، والثاني: أن معناه: لا تقاتلوا من لم يقاتلكم قاله ومجاهد . ، سعيد بن جبير وأبو العالية ، والثالث: أنه إتيان ما نهوا عنه ، قاله وابن زيد . والرابع: أنه ابتداؤهم بالقتال في الحرم في الشهر الحرام ، قاله الحسن . مقاتل .
فصل
اختلف العلماء: هل هذه الآية منسوخة أم لا؟ على قولين .
أحدهما: أنها منسوخة . واختلف أرباب هذا القول في المنسوخ منها على قولين .
أحدهما: أنه أولها ، وهو قوله: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم قالوا: وهذا يقتضي أن القتال يباح في حق من قاتل من الكفار ، ولا يباح في حق من لم يقاتل ، وهذا منسوخ بقوله: واقتلوهم حيث ثقفتموهم . والثاني: أن المنسوخ منها: (ولا تعتدوا) ولهؤلاء في هذا الاعتداء قولان . أحدهما: أنه قتل من لم يقاتل . والثاني: أنه ابتداء المشركين بالقتال ، وهذا منسوخ بآية السيف .
والقول الثاني: أنها محكمة ، ومعناها عند أرباب هذا القول: وقاتلوا في سبيل الله [ ص: 198 ] الذين يقاتلونكم وهم الذين أعدوا أنفسهم للقتال ، فأما من ليس بمعد نفسه للقتال ، كالرهبان والشيوخ الفناة ، والزمنى ، والمكافيف ، والمجانين ، فإن هؤلاء لا يقاتلون ، وهذا حكم باق غير منسوخ .
فصل
واختلف العلماء في على قولين . أحدهما: أنها قوله تعالى: أول آية نزلت في إباحة القتال أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا [ الحج: 39 ] . قاله أبو بكر الصديق ، وابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والثاني: أنها هذه الآية: والزهري . وقاتلوا في سبيل الله قاله أبو العالية ، وابن زيد .