القول في تأويل قوله تعالى:
[42] قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون [43] أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون .
قل من يكلؤكم أي: يحفظكم: بالليل والنهار من الرحمن أي: من بأسه أي: يفجأكم. وتقديم (الليل) لما أن الدواهي فيه أكثر وقوعا وأشد وقعا. وفي لفظ (الرحمن) تنبيه على أنه لا حفظ لهم إلا برحمته، وتلقين للجواب. وقيل إنه إيماء إلى شدته. كغضب الحليم. وتنديم لهم حيث عذبهم من غلبت رحمته. ودلالة على شدة خبثهم. قال المهايمي : ولا يمنع من ذلك عموم رحمته. إذ بتعذيبكم يعتبر أهل عصركم ومن بعدهم. فيكون لإصلاح أمورهم الموجب لرحمته عليهم، ولا يغترون في ذلك بعموم رحمته حتى يرجى منعها عن ذلك: بل هم عن ذكر ربهم معرضون أي: لا يخطرونه ببالهم، فضلا أن يخافوا بأسه، ويعدوا ما هم عليه من الأمن والدعة حفظا وكلاءة، حتى يسألوا عن الكالئ: أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون أي: لهؤلاء المستعجلي ربهم بالعذاب آلهة تمنعهم، إن نحن أحللنا بهم عذابنا وأنزلنا بهم بأسنا، من دوننا. ومعناه: أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم منا. ثم وصف جل ثناؤه تلك الآلهة بالضعف والمهانة وما هي به من صفتها. ومعناه: كيف تستطيع آلهتهم التي يدعونها من دوننا أن تمنعهم منا، وهي لا تستطيع نصر أنفسها ولا هي بمصحوبة منا بالنصر والتأييد. أفاده [ ص: 4275 ] . فـ (فيصحبون) بمعنى يجارون يقال: (صحبك الله)، أي: أجارك وسلمك، كما في (الأساس) . قال ابن جرير أي: لا يصحبون بالجوار لأن ابن جرير: العرب محكي عنها: أنا لك جار من فلان وصاحب، بمعنى: أجيرك وأمنعك. وهم إذا لم يصحبوا بالجوار لم يكن لهم مانع من عذاب الله، مع سخطه عليهم، فلم يصحبوا بخير ولم ينصروا.