القول في تأويل قوله تعالى : ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ( 57 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لخلقه : ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ) يعني : ذكرى تذكركم عقاب الله وتخوفكم وعيده ( من [ ص: 105 ] ربكم ) ، يقول : من عند ربكم ، لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يفتعلها أحد ، فتقولوا : لا نأمن أن تكون لا صحة لها . وإنما يعني بذلك جل ثناؤه القرآن ، وهو الموعظة من الله .
وقوله : ( وشفاء لما في الصدور ) ، يقول : ودواء لما في الصدور من الجهل ، يشفي به الله جهل الجهال ، فيبرئ به داءهم ، ويهدي به من خلقه من أراد هدايته به ( وهدى ) ، يقول : وهو بيان لحلال الله وحرامه ، ودليل على طاعته ومعصيته ( ورحمة ) يرحم بها من شاء من خلقه ، فينقذه به من الضلالة إلى الهدى ، وينجيه به من الهلاك والردى . وجعله تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين به دون الكافرين به ، لأن من كفر به فهو عليه عمى ، وفي الآخرة جزاؤه على الكفر به الخلود في لظى .